ذلك الولد فأقرأه منى السلام وقل له: ان المثرم يقرؤك السلام، وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله وانك وصيه حقا، بمحمد تتم النبوة وبك تتم الوصية، قال: فبكى أبو طالب، وقال له: ما اسم هذا المولود؟ قال اسمه علي، فقال أبو طالب انى لا أعلم حقيقة ما تقول إلا ببرهان بين ودلالة واضحة قال المثرم: فما تريد أن اسأل الله لك ان يعطيك في مكانك ما يكون دلالة لك قال أبو طالب: أريد طعاما من الجنة في وقتي هذا فدعا الراهب بذلك فما استتم دعاه حتى أتى بطبق عليه من فواكه الجنة رطبة وعنبة ورمان، فتناول أبو طالب منه رمانة ونهض فرحا من ساعته، حتى رجع إلى منزله فأكلها فتحولت ماءا في صلبه، فجامع فاطمة بنت أسد، فحملت بعلي وارتجت الأرض وزلزلت بهم أياما حتى لقيت قريش من ذلك شدة وفزعوا، وقالوا قوموا بآلهتكم إلى ذروة أبى قبيس، حتى نسألهم أن يسكنوا ما نزل بكم وحل بساحتكم، فلما اجتمعوا على ذروة جبل أبى قبيس، فجعل يرتج ارتجاجا حتى تدكدكت بهم صم الصخور، وتناثرت وتساقطت الآلهة على وجهها فلما بصروا بذلك. قالوا لا طاقة لنا بما حل بنا. فصعد أبو طالب الجبل وهو غير مكترث بما هم فيه. فقال: يا أيها الناس إن الله تبارك وتعالى قد أحدث في هذه الليلة حادثة، وخلق فيها خلقا إن لم تطيعوه، ولم تقروا بولايته وتشهدوا بإمامته لم يسكن ما بكم، ولا يكون لكم بتهامة مسكنا، فقالوا: يا أبا طالب إنا نقول بمقالتك فبكى أبو طالب، ورفع إلى الله تعالى يديه، وقال إلهي وسيدي أسألك بالمحمدية المحمودة، وبالعلوية العالية وبالفاطمية البيضاء إلا تفضلت على تهامة بالرأفة والرحمة فوالذي فلق الحبة وبرء النسمة، لقد كانت العرب تكتب هذه الكلمات، فتدعوا بها عند شدائدها في الجاهلية وهي لا تعلمها ولا تعرف حقيقتها، فلما كانت الليلة التي ولد فيها أمير المؤمنين " عليه السلام ". أشرقت السماء بضيائها، وتضاعف نور نجومها وأبصرت من ذلك قريش عجبا، فهاج بعضها في بعض وقالوا: قد حدث في السماء حادثة، وخرج أبو طالب يتخلل سكك مكة وأسواقها، ويقول: يا أيها الناس تمت حجة الله، واقبل الناس يسألونه عن علة ما يرونه من اشراق السماء وتضاعف نور النجوم فقال لهم أبشروا فقد ظهر في هذه الليلة ولي من أولياء الله، يكمل الله فيه خصال الخير ويختم به الوصيين، وهو إمام المتقين وناصر الدين، وقامع المشركين، وغيظ المنافقين
(٧٨)