وغابت عن أبصارنا والتزق الحايط فرمنا أن ينفتح لنا قفل الباب فلم ينفتح، فعلمنا إن في ذلك أمر من الله عز وجل ثم خرجت بعد الرابع وبيدها أمير المؤمنين " عليه السلام " ثم قالت انى فضلت على من تقدمني من النساء. لان آسية بنت مزاحم عبدت الله عز وجل سرا في موضع لا يحب أن يعبد الله في إلا اضطرارا، وان مريم بنت عمران هزت النخلة اليابسة بيدها حتى أكلت منها رطبا جنيا، وانى دخلت بيت الله الحرام فأكلت من ثمار الجنة وأوراقها فلما أردت أن اخرج هتف بي هاتف: يا فاطمة سميه عليا فهو علي والله العلي الأعلى يقول: انى شققت اسمه من اسمى، وأدبته بأدبي ووقفته على غوامض علمي، وهو الذي يكسر الأصنام في بيتي، وهو الذي يؤذن فوق ظهر بيتي ويقدسني ويمجدني، فطوبى لمن أحبه واطاعه، وويل لمن أبغضه وعصاه.
قال جابر بن عبد الله الأنصاري: سألت رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ميلاد أمير المؤمنين علي بن أبي طالب " عليه السلام " فقال: آه آه لقد سألتني عن خير مولود ولد بعدي على سنة المسيح " عليه السلام " إن الله تبارك وتعالى خلقني وعليا من نور واحد، قبل أن يخلق الخلق بخمسمائة الف عام فكنا نسبح الله ونقدسه، فلما خلق الله تعالى آدم قذف بنا في صلبه واستقررت انا في جنبه الأيمن، وعلي في الأيسر ثم نقلنا من صلبه في الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الطيبة، فلم نزل كذلك حتى اطلعني الله تعالى من ظهر طاهر وهو عبد الله بن عبد المطلب فاستودعني خير رحم وهي آمنة، ثم أطلع الله تبارك وتعالى عليا من ظهر طاهر وهو أبو طالب واستودعه خير رحم، وهي فاطمة بنت أسد ثم قال: يا جابر ومن قبل أن يقع على في بطن أمه كان في زمانه رجل عابد راهب يقال له المثرم بن رعيب بن الشيقنام وكان مذكورا في العبادة قد عبد الله مائة وتسعين سنة، ولم يسأل حاجة فسأل ربه أن يريه وليا له، فبعث الله تبارك وتعالى بأبي طالب إليه فلما ان بصر به المثرم، قام إليه فقبل رأسه وأجلسه بين يديه، فقال: من أنت يرحمك الله؟
قال: رجل من تهامة، فقال من أي تهامة؟ قال من مكة، قال ممن؟ قال: من عبد مناف قال من أي عبد مناف؟ قال من بني هاشم فوثب إليه الراهب فقبل رأسه ثانيا، وقال الحمد لله الذي أعطاني مسألتي، فلم يمتني حتى أراني وليه، ثم قال له: أبشر يا هذا فإن العلي الأعلى قد ألهمني إلهاما فيه بشارتك، قال أبو طالب وما هو؟ قال: ولد يخرج من صلبك هو ولي الله تبارك وتعالى وهو إمام المتقين ووصى رسول الله، فان أدركت