يا بنى الست بأبيك؟ قال: بلى ولكني وإياك من صلب آدم وهذه أمي حواء فلما سمعت ذلك غطيت رأسي بردائي، وألقيت نفسي بنفسي في زاوية البيت حينا ما منها ثم دنت الأخرى ومعها جونة فأخذت عليا، فلما نظر إلى وجهها قال السلام عليك يا أختي، قالت وعليك السلام يا أخي، قال: فما خبر عمى؟ قالت بخير، وهو يقرأ عليك السلام فقلت: يا بنى أي أخت هذه وأي عم هذا؟ قال: هذه مريم بنت عمران، وعمى عيسى " عليه السلام " وطيبته بطيب كان في الجونة فأخذته أخرى منهن، فأدرجته في ثوب كان معها قال أبو طالب فقلت لو طهرناه لكان أخف عليه وذلك أن العرب كانت تطهر أولادها، فقالت يا أبا طالب إنه ولد طاهر مطهرا لا يذيقه حر الحديد في الدنيا إلا على يدي رجل يبغضه الله ورسوله وملائكته والسماوات والأرض والجبال والبحار، وتشتاق إليه النار فقلت من هذا الرجل؟ فقلن: ابن ملجم المرادي لعنه الله، وهو قاتله في الكوفة سنة ثلاثين من وفاة محمد (صلى الله عليه وآله) قال: ثم غبن النسوة فلم ارهن فقلت في نفسي لو عرفت المرأتين الآخرتين فالهم الله عليا، فقال يا أبى اما المرأة الأولى فكانت حواء، واما الذي أحضنتني فهي مريم بنت عمران التي أحصنت فرجها واما التي أدرجتني في الثوب، فهي آسية بنت مزاحم.
واما صاحبة الجونة فهي أم موسى بن عمران، فالحق بالمثرم الآن وبشره وخبره بما رأيت فإنه في كهف كذا موضع كذا، فخرجت حتى اتيته وانه وصف حيتين فقلت اتيتك أبشرك بما عاينته، وشاهدت من ابني علي فبكى المثرم. ثم سجد شكرا لله ثم تمطى فقال غطني بمدرعتي فغطيته فإذا انا به ميت كما كان فأقمت ثلاثا أكلم فلا أجاب فاستوحشت لذلك وخرجت الحيتان فقالتا لي: السلام عليك يا أبا طالب فأجبتهما، ثم قالتا لي الحق بولي الله فإنك أحق بصيانته، وحفظه من غيرك فقلت لهما: من أنتما؟ قالتا نحن عمله الصالح خلقنا الله من خيرات عمله فنحن نذب عنه الأذى إلى أن تقوم الساعة فإذا قامت القيامة كان أحدنا قائده، والآخر سائقه ودليله إلى الجنة، ثم انصرف أبو طالب رضي الله عنه إلى مكة.
قال جابر فقلت: يا رسول الله أكثر الناس يقولون: ان أبا طالب مات كافرا (1)