معه ملح قليل مزهود فيه فقال: هل لك ان تعطيني ملحك هذه المزهودة فيه بقرصتي هذه المزهود فيها؟ قال: نعم ففعل فجاء الرجل بالسمكة والملح فقال: أصلح هذه بهذه فلما شق بطن السمكة وجد فيها لؤلؤتين فاخرتين فحمد الله عليهما فبينا هو في سروره ذلك إذ قرع بابه، فنظر من الباب فإذا صاحب السمكة وصاحب الملح قد جاءا يقول كل واحد منهما له: يا عبد الله جهدنا ان نأكل نحن، أو أحد من عيالنا هذا القرص فلم تعمل فيه أسناننا، وما نظنك إلا وقد تناهيت في سوء الحال، ومرنت على الشقاء قد رددنا عليك القرصين فأخذ القرصين منهما، فلما استقر بعد انصرافهما عنه قرع رجل بابه فإذا رسول علي بن الحسين عليهما السلام فدخل، فقال: أنه يقول لك ان الله قد أتاك الفرج فاردد طعامنا فإنه لا يأكله غيرنا، وباع الرجل اللؤلؤتين بمال عظيم قضى دينه منه وحسنت بعد ذلك حاله، فقال بعض المخالفين: ما أشد هذه التفاوت، بينا علي ابن الحسين لا يقدر أن يسد منه فاقته إذ أغناه هذا الغناء العظيم كيف يكون هذا؟ وكيف يعجز عن سد الفاقة من يقدر على الغناء العظيم؟ فقال علي بن الحسين عليهما السلام هكذا قالت قريش للنبي (صلى الله عليه وآله) كيف يمضى إلى بيت المقدس، ويشاهد ما فيه من آثار الأنبياء من مكة، ويرجع إليها في ليلة واحدة من لا يقدر أن يبلغ مكة إلى المدينة إلا في اثنى عشر يوما، وذلك خير من هاجر منها، ثم قال علي بن الحسين عليهما السلام: جهلوا والله أمر الله وأمر أوليائه معه ان المراتب الرفيعة لا تنال إلا بالتسليم لله جل ثناؤه وترك الاقتراح عليه، والرضا بما يدبرهم به، ان أولياء الله صبروا على المحن والمكاره صبرا لم يساوهم فيه غيرهم فجازاهم الله عز وجل عن ذلك بإزاء ما وجب لهم، نجح جميع طلباتهم لكنهم مع ذلك لا يريدون منه إلا ما يريدون منه إلا ما يريده لهم.
وقال الزهري: حدثنا علي بن الحسين عليهما السلام، وكان أفضل هاشمي أدركناه قال: أحبونا حب الاسلام، فما زال حبكم لنا حتى صار شينا علينا.
وقال الباقر " عليه السلام ": كان علي بن الحسين عليهما السلام يصلى في اليوم والليلة الف ركعة وكانت الريح تميله بمنزلة السنبلة.
(وروى) ان بينه وبين محمد بن الحنفية جرى منازعة في الإمامة. فقال له زين العابدين " عليه السلام ": فانطلق حتى أتيا قرب حجر الأسود فقال لمحمد: ابتداء وابتهل إلى الله ورسوله ان ينطق لك الحجر، ثم سأله وابتهل محمد في الدعاء، ودعاء الحجر الأسود فلم