يلونه، ويماسونه فيما بينهم نظيفا موجها به إلى الله عز وجل.
وقد روى عن بعض الأئمة عليهم السلام أنه قال: ليس من ميت يموت إلا خرجت منه الجنابة، فلذلك وجب الغسل.
فان قيل: فلم أمر أن يكفن الميت؟ قيل لان يلقى ربه طاهر الجسد، ولئلا تبدو عورته لمن يحمله أو يدفنه، ولئلا يظهر الناس على بعض حاله وقبح منظره ولئلا يقسو القلب من كثرة النظر إلى مثل ذلك العاهة والفساد، ولان يكون أطيب لا نفس الاحياء، ولئلا يبغضه حميم فيلقى ذكره ومودته، ولا يحفظه فيما خلف وأوصاه وأمره به وأحب.
فان قيل: فلم أمر بدفنه؟ قيل: لئلا يظهر الناس على فساد جسده وقبح منظره وتغير ريحه، ولا يتأذى به الاحياء بريحه وبما يدخل عليه من الآفة والدانس والفساد وليكون مستورا عن الأولياء والأعداء فلا يشمت عدو ولا يحزن صديق.
فان قيل: فلم أمر من يغسله بالغسل؟ قيل لعلة الطهارة مما أصابه من نضح الميت لان الميت إذا خرج منه الروح بقي منه أكثر آفته، ولئلا يلهج الناس به وبمماسته، إذ قد غلبت علة النجاسة والآفة.
فان قيل: فلم لا يجب الغسل على من مس شيئا من الأموات من غير الانسان كالطير والبهائم والسباع وغير ذلك؟ قيل لأن هذه الأشياء كلها ملبسة ريشا وصوفا وشعر أو وبرا، وهذا كله زكى ولا يموت، وإنما يماس منه الشئ الذي هو زكى من الحي والميت الذي قد ألبسه وعلاه.
فان قيل: فلم جوزتم الصلاة على الميت بغير وضوء؟ قيل لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود، وإنما هي دعاء ومسألة وقد يجوز ان تدعو الله عز وجل وتسأله على أي حال كنت وإنما يجب الوضوء في الصلاة التي فيها ركوع وسجود.
فان قيل: فلم جوزتم الصلاة عليه قبل المغرب وبعد الفجر؟ قيل لأن هذه الصلاة إنما تجب في وقت الحضور والعلة وليست هي موقتة كسائر الصلوات، وإنما