فان قال قائل: فأخبرني لم كلف الخلق؟ قيل لعلل فان قال فأخبرني عن تلك العلل معروفة موجودة هي أم غير معروفة ولا موجودة؟ قيل بل هي معروفة موجودة عند أهلها فان قال قائل أتعرفونها أنتم أم لا تعرفونها؟ قيل لهم منها ما نعرفه ومنها مالا نعرفه فان قال قائل فما أول الفرايض قيل الاقرار بالله وبرسوله وحجته وبما جاء من عند الله فأن قال قائل لم أمر الخلق بالاقرار بالله وبرسوله وحجته وبما جاء من عند الله قيل لعلل كثيرة منها ان من لم يقر بالله لم يتجنب معاصيه ولم ينته عن ارتكاب الكبائر ولم يراقب أحدا فيما يشتهى ويستلذ من الفساد والظلم وإذا فعل الناس هذه الأشياء وارتكب كل انسان ما يشتهى ويهواه من غير مراقبة لاحد كان في ذلك فساد الخلق أجمعين ووثوب بعضهم على بعض فغصبوا الفروج والأموال وأباحوا الدماء والسبي وقتل بعضهم بعضا من غير حق ولا جرم فيكون في ذلك خراب الدنيا وهلاك الخلق وفساد الحرث والنسل ومنها ان الله عز وجل حكيم ولا يكون الحكيم ولا يوصف بالحكمة الا الذي يحظر الفساد ويأمر بالصلاح ويزجر عن الظلم وينهى عن الفواحش ولا يكون حظر الفساد والامر بالصلاح والنهى عن الفواحش الا بعد الاقرار بالله ومعرفة الامر والناهي فلو ترك الناس بغير اقرار بالله ولا معرفة لم يثبت أمر بصلاح ولا نهى عن فساد إذ لا آمر ولا ناهى ومنها انا قد وجدنا الخلق قد يفسدون بأمور باطنة مستورة عن الخلق فلولا الاقرار بالله وخشيته بالغيب لم يكن أحد إذا خلا بشهوته وإرادته يراقب أحدا في ترك معصية وانتهاك حرمة وارتكاب كبير إذا كان فعله ذلك مستورا عن الخلق بغير مراقب لاحد فكان يكون في ذلك هلاك الخلق أجمعين فلم يكن قوام الخلق وصلاحهم إلا بالاقرار منهم بعليم خبير يعلم السر وأخفى آمر بالصلاح ناه عن الفساد ولا يخفى عليه خافية ليكون في ذلك انزجار لهم يخلون به من أنواع الفساد فان قال قائل: فلم وجب عليكم معرفة الرسل والاقرار بهم والاذعان لهم
(٢٥٢)