عموم العام، وفي ضوء هذا البيان يستبين لنا أن القانون الكلي هناك (في الآية) هو بطلان المبادلات، وها هي إصالة الفساد، وأما المستثنى من ذلك الكلي (القاعدة) إنما هو التجارة الواجدة للشرائط الشرعية والعرفية، منضمة إلى الرضا فإذا شك في تحقق شرط من الشرائط (كما إذا تحقق الرضا بعد تحقق التجارة) إذا كان الحاكم عموم البطلان أي إصالة الفساد.
ولا مجال هناك - عند الشك في الشرطية - للتمسك بعموم: أوفوا بالعقود (1)، وذلك لأن هذه الآية تدل على وجوب الوفاء بمقتضى العقود، وبالتالي تفيد اللزوم ولا تكون في جهة بيان الصحة حتى يتمسك بها عند الشك.
وأما التمسك بعموم أحل الله البيع (2). فلا بأس به، لأن هذه الآية تفيد الصحة بالنسبة إلى جميع أفراد البيع فكلما شك في شرطية شئ في البيع شرعا يتمسك بعموم الحلية ويحكم بالصحة، إلا أن نطاقها إنما هو الشك في شرطية شئ شرعا، وأما الشك في شرطية شئ عرفا فلا مجال للتمسك بعموم الحلية عندئذ، وذلك لأن للشرائط العرفية دور مبدئي في الموضوع، فالشك فيها شك في تحقق الموضوع (الشبهة الموضوعية)، والعام لا يحقق موضوعه، والتمسك به حينئذ تمسك بالعام في الشبهة المصداقية. كما قال المحقق صاحب الكفاية رحمه الله:
يتمسكون بالاطلاق (في نفي الشرط المشكوك) في أبواب المعاملات مع ذهابهم إلى كون ألفاظها موضوعة للصحيح، نعم لو شك في اعتبار شئ فيها عرفا فلا مجال للتمسك باطلاقها في عدم اعتباره بل لا بد من اعتباره، لأصالة عدم الأثر بدونه (3).
ويؤكد ما ذكرناه إفادة سيدنا الأستاذ في محاولة هذا البحث قال: إن المعاملات بعناوينها الخاصة، كالبيع والإجارة والنكاح والصلح وما شاكل ذلك قد