والاحتياط فإن مورد قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل هي الشبهة قبل الفحص ومورد قاعدة البراءة والاحتياط هي الشبهة بعد الفحص كما قال سيدنا الأستاذ:
أن احتمال التكليف في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي والشبهة الحكمية قبل الفحص كان موردا لحكم العقل بوجوب دفع الضرر المحتمل إرشادا إلى تحصيل المؤمن، ولا مجال فيه لجريان قاعدة قبح العقاب بلا بيان. (وإن كان الاحتمال) في الشبهة الحكمية. بعد الفحص فيما إذا لم يكن هناك منجز خارجي عن علم إجمالي أو إيجاب احتياط أو غيرهما كان موردا لقاعدة قبح العقاب بلا بيان، ولا مجال لجريان قاعدة وجوب دفع الضرر المحتمل (1).
المدرك: يمكن الاستدلال على اعتبار القاعدة بما يلي:
1 - لا شك في أن العقل السليم يحكم بوجوب دفع الضرر المحتمل مطلقا فحينئذ إذا وقع شخص في معرض الضرر ولم يجتنب عنه وأصبح متضررا كان هذا الشخص مذموما عند العقلاء، وعليه يجب دفع الضرر المحتمل سيما الضرر الأخروي (العقاب) ويحكم العقل بوجوب دفع ذلك الضرر (العقاب) قطعا.
ويرشدنا إليه قوله تعالى: ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (2).
2 - الدليل الأصلي: من المعلوم أن في الشبهة المقرونة بالعلم الإجمالي وفي الشبهة الحكمية كان للحكم دليل معتبر من العلم والحجة الشرعية، وقد حصلت الشبهة نتيجة الأجمال الواقع في المتعلق، فعلى مقتضى الدليل الأصلي لا بد من الفحص عند الشبهة وحصول المؤمن وهذا هو مدلول القاعدة.
ما هو المقصود من الوجوب في القاعدة؟
التحقيق: أن وجوب دفع الضرر من المستقلات العقلية وعليه كان الوجوب إرشاديا كما قال سيدنا الأستاذ: بعد عدم كون الوجوب هنا نفسيا ولا غيريا ولا طريقيا: فتعين أن يكون وجوب دفع الضرر المحتمل إرشاديا بمعنى أن العقل