بعد بيان أن في الوقف يتحقق الملك للوقوف عليه: فيجب أن يكون هو (الملك) مقتضى العقد الذي قد قصد به الصدقة بالعين والمنفعة لكن على الوجه الذي اعتبره الواقف (فإن الوقوف على حسب ما يوقفها أهلها) بالنسبة إلى ذلك (1).
نظر الواقف: لا شبهة في أن نظر الواقف متبع في الاشتراط إذا لم يكن الشرط مخالفا للكتاب والسنة، وإلا فلا مبرر للاتباع كما قال سيدنا الأستاذ: الشرائط التي يشترطها الواقف تصح ويجب العمل عليها إذا كانت مشروعة، فإذا اشترط أن لا يؤجر الوقف أكثر من سنة أو لا يؤجر على غير أهل العلم لا تصح إجارته سنتين ولا على غير أهل العلم (2).
فرعان الأول: إذا سقط الموقوف عن معرض الانتفاع كما إذا جفت الشجرة المثمرة أو انقلعت فإذا لا موضوع للعمل على نظر الواقف، فعندئذ ما هو الحكم؟
التحقيق: هو جواز البيع، لأن الوقف هو حبس العين واطلاق المنفعة كما قال سيدنا الأستاذ: هو تحبيس الأصل وتسبيل الثمرة (3). فهو كذلك ما دام وجود العين والمنفعة معا، وأما إذا انتفت المنفعة فلا تبقى فائدة في حبس العين التي لا منفعة لها، وعليه أفتى الفقهاء بجواز البيع، كما قال شيخ الطائفة رحمه الله: إذا انقطعت نخلة من أرض الوقف أو انكسرت جاز بيعها لأرباب الوقف، لأنه تعذر الانتفاع بها على الوجه الذي شرطه وهو أخذ ثمرتها (4). والأمر كما أفاده.
الثاني: قال سيدنا الأستاذ: إذا اشترط الواقف شرطا في الموقوف عليه، كما إذا وقف المدرسة على الطلبة العدول أو المجتهدين، ففقد الشرط خرج عن الوقف (5) على أساس القاعدة.