الثاني: صحة الوضوء الضرري مع الجهل، والصحيح أنه لا مجال لهذا التوهم وذلك، لأن خيار الغبن والعيب لا يكون على أساس القاعدة (لا ضرر) بل يكون على أساس تخلف الشرط الارتكازي (تساوي المالين في الغبن وسلامة العوضين في العيب)، ففي فرض العلم كان الأقدام مسقطا للشرط.
وأما الوضوء لو فرض باطلا على أساس نفي الضرر يصبح الأمر على خلاف الامتنان (الإعادة والتيمم). والحديث إنما ورد امتنانا على الناس فلا ينطبق مدلول الحديث على بطلان الوضوء، وأما صحة الوضوء في تلك الحالة فقد ثبتت من أدلتها الخاصة.
4 - الاختصاص بالحكم الإلزامي: إن الحديث يختص بنفي الحكم الإلزامي (في التكليف) وبنفي اللزوم (في الوضع) وذلك، لأن في الترخيص (الاستحباب والكراهة) وفي الجواز (خيار الفسخ) مساهلة وحرية من الأول فلا مضايقة فيهما حتى ترتفع امتنانا كما قال سيدنا الأستاذ: وبالجملة نفي الضرر في الحديث الشريف... ليس إلا كنفي الحرج المستفاد من أدلة نفي الحرج فكما أن المنفي بها هو الحكم الإلزامي الموجب لوقوع المكلف في الحرج دون الترخيصي إذ الترخيص في شئ حرجي لا يكون سببا لوقوع العبد في الحرج فكذا في المقام (1). والأمر كما أفاده.
فرعان الأول: تعارض الضررين، قال سيدنا الأستاذ: إذا دار الأمر بين فردين محرمين كان المقام حينئذ من باب التزاحم فلا بد له من اختيار ما هو أقل ضررا والاجتناب عما ضرره أكثر وحرمته أشد وأقوى بل الاجتناب عما كان محتمل الأهمية، نعم مع العلم بالتساوي أو احتمال الأهمية في كل من الطرفين يكون