قطعا، وينفي المسامحة العرفية نفيا شديدا، وكذلك غيره من التحديدات، كما قال السيد اليزدي رحمه الله في تحديد المسافة الشرعية: ولو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ ولو يسيرا لا يجوز القصر، فهي مبنية على التحقيق لا المسامحة العرفية (1).
ويرى السيد الحكيم رحمه الله الأمر كذلك، فيقول: كما تقتضيه ظواهر الأدلة في المقام وفي سائر موارد التحديد (2).
2 - الخلف: إذا فرض المجال للمسامحة العرفية بالنسبة إلى التحديدات يلزم خلاف ما هو المفروض فيها من التشخص والتعين، وذلك من الخلف الباطل.
3 - اللغوية: إذا ورد من الشرع تحديد خاص بالنسبة إلى الموضوع الذي له الحكم شرعا ومع ذلك كان للتسامح العرفي مجال فيه، لا يبقى للتحديد أي معنى من المعاني، فيصبح التحديد لغوا وبما أنه لا مبرر لذلك (اللغوية) في البيان الشرعي فلا مجال للمسامحة في التحديد.
4 - التسالم: قد تحقق التسالم بين الفقهاء على عدم المسامحة العرفية في التحديدات ولا خلاف فيه بينهم.
5 - الإطاعة: إلى هنا ذكرنا الأدلة التي يمكن التمسك بها في مقام التأييد.
ولكن التحقيق: هو أن الدليل الوحيد الذي يصلح أن يكون مدركا للقاعدة هو التعبد بما ورد من الشرع فبما أن في مورد التحديد كان الموضوع متعينا من جانب الشرع تعيينا شرعيا، لا مجال لنظر العرف في قباله، فالوظيفة إذا على أساس قوله تعالى: فاستقم كما أمرت (3) هي العمل بما أمر به الشرع بلا أية نقيصة وإلا فإذا نقص الحد ولو بالقدر اليسير كان الشك في الإطاعة.