وأعطان الإبل فصلوا في مرابض الغنم ولا تصلوا في معاطن الإبل (1) * وروينا ذلك أيضا باسناد في غاية الصحة عن البراء بن عازب وعبد الله بن مغفل كلاهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2)، فهذا نقل تواتر يوجب يقين العلم * وقد احتج بعض من خالف هذا بأن قال: قد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فضلت على الأنبياء بست)، فذكر فيها (وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا فحيثما أدركتك الصلاة فصل) قال: وهذه فضيلة، والفضائل لا تنسخ، وذكر قول الله تعالى (وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) * فقلنا. ان هذا كله حق، وليس للنسخ ههنا مدخل والواجب استعمال كل هذه النصوص، ولا سبيل إلى ذلك إلا بأن يستثنى الأقل من الأكثر، فتستعمل جميعا حينئذ ولا يحل لمسلم مخالفة شئ منها، ولا تغليب بعضها على بعض بهواه * ثم نسأل المخالف عن الصلاة في كنيف أو مزبلة إن كان شافعيا أو حنفيا، وعن صلاة الفريضة في جوف الكعبة إن كان مالكيا، وعن الصلاة في ارض مغصوبة إن كان من أصحابنا فإنهم يمنعون من الصلاة في هذه المواضع ويختصونها من الآية المذكورة ومن الفضيلة المنصوصة. وقد قال تعالى وذكر مسجد الضرار: (لا تقم فيه أبدا) فحرم الصلاة فيه وهو من الأرض، فصح أن الفضيلة باقية، وأن الأرض كلها مسجد وطهور إلا مكانا نهى الله تعالى عن الصلاة فيه * فان قيل: قد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعيره والى بعيره، قلنا: نعم ومن منع هذا فهو مبطل، ومن صلى على بعيره أو إلى بعيره فلم يصل في عطن إبل، وعن هذا جاء النهى لا عن الصلاة إلى البعير *
(٢٥)