وقد زاد بعضهم كذبا وجرأة وافتراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال:
إنما نهى عن الصلاة في معاطنها ومباركها لنفارها واختلاطها، أو لان الراعي يبول بينها! * قال علي: وهذا كذب مجرد على النبي صلى الله عليه وسلم، وإخبار عنه بالباطل وبما لم يقله عليه السلام قط، ولو أطلق مثل هذا على رجل من عرض الناس لكان إثما وفسقا، فكيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ولو أنه عليه السلام أراد ما ذكروا لبينه * ثم هبك أنه كما قالوا ومعاذ الله من ذلك فان النهي والتحريم بذلك باقي كما.
كان، فكيف يستحلون أن يصححوا النهى ويدعوا أنه لعلة يذكرونها: ثم يبيحون ما صح النهي عنه؟! هذا أمر ما ندري كيف هو؟ ونعوذ بالله من البلاء * وقد روينا عن عبد الله بن عمرو بن العاصي أنه قال: لا تصلوا في أعطان الإبل * وسئل مالك عمن لم يجد إلا عطن إبل قال: لا يصلى فيه، قال فان بسط عليه ثوبا قال: لا أيضا (1) * وقال أحمد بن حنبل: من صلى في عطن إبل أعاد أبدا * فان قيل: فإنه قد روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (فإنها خلقت من الشياطين) (2) * قلنا نعم، هذا حق، ونحن نقر بهذا، ولا اعتراض في هذا على نهيه عليه السلام عن الصلاة في أعطانها * قال علي: والبعير والبعيران لا يشك في أن الموضع المتخذ لمبركهما أو لمبرك أحدهما داخل في جملة مبارك الإبل وعطن الإبل، وكل عطن فهو مبرك، وليس كل مبرك عطنا لان العطن هو الموضع الذي تناخ فيه عند ورودها الماء فقط، والمبرك أعم، لأنه الموضع المتخذ لبروكها في كل حال. وإذا سقط عن العطن والمبرك اسم عطن ومبرك فليس عطنا ولا مبركا، فالصلاة فيه جائزة * فأما قولنا عالما كان أو غير عالم، فلانه أتي بالصلاة في غير موضعها ومكانها، والصلاة لا تصح إلا في زمان ومكان محدودين، فإذا لم تؤد في مكانها وزمانها فليس هي التي أمر الله