لا خلاف فيه من أحد من الأمة * فمن نسي سجدة واحدة وقام عند نفسه إلى ركعة ثانية فان الركعة الأولى لم تتم، وصار قيامه إلى الثانية لغوا ليس بشئ، ولو تعمده ذاكرا لبطلت صلاته، حتى إذا ركع ورفع فكل ذلك لغو، لأنه عمله في غير موضعه نسيانا، والنسيان مرفوع * فإذا سجد تمت له حينئذ ركعة بسجدتيها * ولو نسي من كل ركعة من صلاته سجدة لكان إن كانت الصبح أو الجمعة أو الظهر أو العصر أو العتمة في السفر قد صحت له ركعة، فليأت بأخرى ثم يسجد للسهو. وإن كان ذلك في المغرب فكذلك أيضا، وليسجد سجدة واحدة ثم يقوم إلى الثانية، فإذا أتمها جلس ثم قام إلى الثالثة ثم يسجد للسهو. وإن كانت الظهر أو العصر أو العتمة في الحضر فقد صحت له ركعتان كما ذكرنا، فعليه أن يأتي بركعتين ثم يسجد للسهو * برهان ذلك قول الله تعالى: (إني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى). وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) فصح يقينا أن كل عمل عمله المرء في موضعه كما أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو معتد له به، وكل عمل عمله المرء في غير موضعه الذي أمره به عليه السلام فيه فهو رد. وهذا نص قولنا ولله تعالى الحمد.
وقال بهذا الشافعي وداود وغيرهما * وقال مالك: يلغى قيامه في الأولى وركوعه ورفعه والسجدة التي سجدها ويعتد بالثانية. وهذا خطأ لما ذكرنا، لأنه اعتد له بقيام فاسد وركوع فاسد ورفع فاسد، وضع كل ذلك حيث لا يحل له، وحيث له وضعه عامدا لبطلت صلاته بلا خلاف من أحد، وألغى له قياما وركوعا ورفعا وسجدة أداها باجماع الأمة، وهو معهم كما أمره الله تعالى * فان قيل: أردنا أن لا يحول بين السجدتين بعمل * قلنا: قد أجزتم له أن يحول بين الاحرام للصلاة وبين القيام والقراءة المتصلين بها بعمل أبطلتموه، فما الفرق؟! وقد حال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أعمال صلاته ناسيا بما ليس منها، من سلام وكلام ومشى واتكاء ودخوله منزله، ولم يضر ذلك ما عمل من صلاته شيئا، فالحيلولة بينهما إذا كانت بنسيان لا تضر * فان قيل: إنه لم ينو بالسجدة أن تكون من الركعة الأولى، وإنما نواها من الثانية، والأعمال بالنيات