ينتظروه ففرض عليهم انتظاره حتى ينصرف فيتم بهم صلاتهم ثم يتم لنفسه * اما انتظاره فلما ذكرنا آنفا من ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جنب فخرج وأومأ إليهم أن مكانكم ثم عاد، وقد اغتسل فصلى بهم * وأما استخلافهم (1): فلما ذكرنا قبل من أن النبي صلى الله عليه وسلم مضى إلى قباء فقدم المسلمون أبا بكر فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أحس أبو بكر به تأخر وتقدم عليه السلام فصلى بالناس، ولان فرضا على الناس أن يصلوا في جماعة كما قدمنا، فلا بد لهم من إمام، إما باستخلاف إمامهم وإما باستخلافهم أحدهم وإما بتقدم أحدهم * وقال أبو حنيفة: إن أحدث الامام وهو ساجد فرفع رأسه ولم يكبر واستخلف جار ذلك. وصلاتهم كلهم تامة، فلو كبر ثم استخلف بطلت صلاة الجميع، فلو خرج من المسجد قبل أن يستخلف بطلت صلاة الجميع * قال علي: وهذه أقوال في غاية الفساد والتخليط، وليس عليها من بهجة الحق أثر!
وليت شعري! إذا أحدث ساجدا فرفع رأسه ولم يكبر: في صلاة هو أم في غير صلاة؟ وهل إمامته لهم باقية أو لا؟ ولا بد من أحد الوجهين * فان قالوا: هو في صلاة وامامته باقية، جعلوه مصليا بلا وضوء، وإماما لهم بلا وضوء.
وهذا خلاف أصلهم الآخر الفاسد في بطلان صلاة من ائتم بامام هو على غير طهارة ناسيا أو ذاكرا * ثم نقول لهم: إذ هو في صلاة وهو بعد باق على إمامته لهم، فما ذنبه إذ كبر فأبطل صلاة نفسه وصلاتهم؟! هذه عداوة منكم لذكر الله تعالى! وأخية قولكم: (2) من عطس في صلاته فقال بلسانه: (الحمد لله رب العالمين) بطلت صلاته، ولو قعد مقدار التشهد فقذف محصنة أو ضرط، عامدا لم تبطل صلاته! تعالى الله، ما أوحش هذه الأقوال التي لا يحل قبولها الا لو قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، الذي لم نأخذ الصلاة ولا الدين ولا ذكر الله تعالى الا عنه، فلا يحل لنا اذن شئ من ذلك الا كما أمرنا. * وان قالوا: بل ليس في صلاة، ولا هم بعد في إمامته، قلنا لهم: فإذ قد خرج بالحدث من امامتهم وعن الطهارة التي لا صلاة الا بها: فما الذي ولد عليه تكبيره من الضرر،