وأما حديث علي بن أبي طالب فلا حجة فيه أصلا، لأنه ليس فيه إلا إخباره رضي الله عنه بما علم، من أنه لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما، وهو الصادق في قوله، وليس في هذا نهى عنهما، ولا كراهة لهما، فما صام (1) عليه السلام قط شهرا كاملا غير رمضان، وليس هذا بموجب كراهية صوم شهر كامل تطوعا (2) ثم قد روى غير على أنه عليه السلام صلاهما فكل أخبر بعلمه، وكلهم صادق. ثم قد صح عن علي خلاف ذلك، كما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى، وهم يقولون: ان الصاحب إذا روى حديثا وخالفه فهذا دليل عندهم على سقوط ذلك الخبر، فهلا قالوا هذا ههنا! * وأما حديث حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن أم سلمة فحديث منكر، لأنه ليس هو في كتب حماد بن سلمة، وأيضا فإنه منقطع، لم يسمعه ذكوان من أم سلمة. برهان ذلك: أن أبا الوليد الطيالسي روى هذا الخبر عن حماد ابن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن عائشة عن أم سلمة: (ان النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بيتها ركعتين بعد العصر، فقلت ما هاتان الركعتان؟ قال: كنت أصليهما بعد الظهر، وجاءني مال فشغلني فصليتهما الآن) فهذه هي الرواية المتصلة، وليس فيها (أفنقضيهما نحن؟ قال: لا) (3) فصح أن هذه الزيادة لم يسمعها ذكوان من أم سلمة، ولا ندري عمن (4) أخذها؟ فسقطت (5). ثم لو صحت هذه اللفظة لما كان لهم فيها حجة أصلا لأنه ليس فيها نهى عن صلاتهما (6) أصلا، وإنما فيها النهى عن قضائهما فقط، فلا يحل توثيب كلامه عليه السلام إلى ما لم يقله تلبيسا من
(٢٧١)