من أن يكون نوى صلاته إياها أنه فرضه ونوى ذلك أيضا في التي صلى في منزله، فإن كان فعل هذا، فقد عصى الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم وخرق الاجماع، في أن صلى صلاة واحدة في يوم مرتين، على أن (1) كل واحدة منهما فرضه الذي أمر به، أو يكون لم ينو (2) شيئا من ذلك في كلتيهما، فهذا لم يصلى أصلا، ولا تجزيه واحدة منهن، وهو عابث عاص لله تعالى أو يكون نوى في الأولى أنها فرضه وفى الثانية أنها نافلة، أو في الأولى أنها نافلة وفى الثانية أنها فرضه، فهو كما نوى، ولا يمكن غير هذا أصلا.
وقال الأوزاعي: الثانية هي فرضه * قال على: والحق في هذا: أنه إن كان ممن له عذر في التخلف عن الجماعة فصلى وحده، أو صلى في جماعة: فالأولى فرضه بلا شك، لأنها هي التي أدى على أنها فرضه، ونوى ذلك فيها، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل (3) امرئ ما نوى)، وإن كان ممن لا عذر له في التأخر عن الجماعة، فالأولى (4) إن صلاها وحده باطل، والثانية فرضه، عليه أن يصلى ولا بد، على ما نذكر في وجوب فرض الجماعة إن شاء الله تعالى. والجمعة وغيرها في كل ذلك سواء * وأما قول أبي حنيفة وأصحابه فيمن صلى الجمعة في منزله لغير عذر فباطل، لوجوه أولها تفريقه في ذلك بين الجمعة وغيرها بلا برهان، والثاني: أنه فرق (5) بين الجمعة وغيرها فقد أخطأ في قوله: إنها تجزئه إذا صلاها منفردا لغير عذر في منزله والثالث: ابطاله تلك الصلاة بعد أن جوزها، إما بخروجه إلى الجامع، وإما بدخوله مع الامام، وكل ذلك آراء فاسدة مدخولة (6)، وقول في الدين بغير علم * قال على: فإذ قد بطلت هذه الأقوال كلها فلنذكر ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك * حدثنا عبد الله بن يوسف ثنا أحمد بن فتح ثنا عبد الوهاب بن عيسى ثنا احمد