وأما من تعمد ترك المفروضات واقتصر على التطوع ليجبر بذلك ما عصى في تركه مصرا على ذلك، فهذا عاص في تطوعه، لأنه وضعه في غير موضعه، لان الله تعالى لم يضعه لتترك الفريضة، بل ليكون زيادة خير ونافلة، فهذا هو الذي يجبر به الفرض المضيع. وإذا عصى في تطوعه فهو غير مقبول منه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد) * فان ذكر ذاكر ما روى من أن التطوع لا يقبل ممن لا يؤدى الفريضة كالتاجر لا يصح له ربح حتى يخلص رأس ماله: فباطل لا يصح، لأنه إنما رواه موسى ابن عبيدة الربذي (1) وهو ضعيف، وعبد الملك بن حبيب الأندلسي عن المكفوف (2) عن أيوب بن خوط (3) وهذه ثلاث بلايا في نسق (4)، إحداها (5) يكفي، ومرسل أيضا، وعبد الملك بن حبيب عن مطرف عن مالك أن أبا بكر الصديق، وعبد الملك ساقط (6)، وهذا أيضا منقطع، ولو صح ذلك لكان (7) المراد به من قصد التطوع ليعوضه عن الفريضة، مصرا على ذلك غير نادم ولا تائب. وبالله تعالى التوفيق *