على قولكم ولا ملامة على من تعمد ترك الصلاة حتى يخرج وقتها. وهذا لا يقوله مسلم. وان قالوا: ليست هي التي أمره الله تعالى بها، قلنا صدقتم، وفى هذا كفاية إذ (1) أقروا بأنهم (2) أمروه بما لم يأمره به الله تعالى * ثم نسألهم عمن تعمد ترك الصلاة بعد الوقت: أطاعة هي أم معصية؟ فان قالوا:
طاعة، خالفوا اجماع أهل الاسلام كلهم المتيقن، وخالفوا القرآن والسنن الثابتة.
وان قالوا (3): هو معصية، صدقوا، ومن الباطل أن تنوب المعصية عن الطاعة * وأيضا فان الله تعالى قد حد أوقات الصلاة على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم، وجعل لكل وقت صلاة منها أولا ليس ما قبله وقتا لتأديتها، وآخرا ليس ما بعده وقتا لتأديتها، هذا ما لا خلاف فيه من أحد من الأمة، فلو جاز أداؤها بعد الوقت لما كان لتحديده عليه السلام آخر وقتها معنى، ولكان لغوا من الكلام وحاش لله من هذا * وأيضا فان كل عمل علق بوقت محدود فإنه لا يصح في غير وقته، ولو صح في غير ذلك الوقت لما كان ذلك الوقت وقتا له. وهذا بين. وبالله تعالى التوفيق * ونسألهم: لم أجزتم (4) الصلاة، بعد الوقت، ولم تجيزوها قبل الوقت؟ فان ادعوا الاجماع كذبوا، لان ابن عباس والحسن البصري يجيزان الصلاة قبل الوقت لا سيما، والحنفيون والشافعيون والمالكيون يجيزون الزكاة قبل الوقت، ويدعون أن قتال أبى بكر لأهل الردة، إنما كان قياس للزكاة على الصلاة، وأنه قال: لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فان الزكاة حق المال وهم قد فرقوا (5) ههنا بين حكم الزكاة والصلاة. فليعجب المتعجبون! وان ادعوا فرقا من جهة نص أو نظر لم يجدوه فان قالوا: فإنكم (7) تجيزون الناسي (3) والنائم والسكران على قضائها أبدا،