ولان خروج مني الرجل من المرأة والحيض من الرجل مستحيل فكان دليلا على التعيين فإذا ثبت التعيين لزم كونه دليلا على البلوغ كما لو تعين قبل خروجه ولأنه مني خارج من ذكر أو حيض خارج من فرج فكان علما على البلوغ كالمني الخارج من الغلام والحيض الخارج من الجارية ولأنهم سلموا أن خروجهما معا دليل على البلوغ فخروج أحدهما منفردا أولى لأن خروجهما معا يقتضي تعارضهما واسقاط دلالتهما إذ لا يتصور أن يجتمع حيض صحيح ومني رجل فيلزم أن يكون أحدهما فضلة خارجة من غير محلها وليس أحدهما بذلك أولى من الآخر فتبطل دلالتهما كالبينتين إذا تعارضتا وكالبول. إذا خرج من المخرجين جميعا بخلاف ما إذا وجد أحدهما منفردا فإن الله تعالى أجرى العادة بان الحيض يخرج من فرج المرأة عند بلوغها ومني الرجل يخرج من ذكره عند بلوغه فإذا وجد ذلك من غير معارض وجب أن يثبت حكمه ويقضي بثبوت دلالته كالحكم بكونه رجلا بخروج البول من ذكره وبكونه امرأة بخروجه من فرجها والحكم للغلام بالبلوغ بخروج المني من ذكره وللجارية بخروج الحيض من فرجها فعلى هذا ان خرجا معا لم يثبت كونه رجلا ولا امرأة لأن الدليلين تعارضا فأشبه ما لو خرج البول من الفرجين وهل يثبت البلوغ بذلك؟ فيه وجهان (أحدهما) يثبت، وهو اختيار القاضي ومذهب الشافعي لأنه إن كان رجلا فقد خرج المني من ذكره وإن كان امرأة فقد حاضت (والثاني) لا يثبت لأنه يجوز أن لا يكون هذا حيضا ولا منيا فلا يكون فيه دلالة وقد دل تعارضهما على ذلك فانتفت دلالتهما على البلوغ كانتفاء دلالتهما على الذكورية والأنوثية والله أعلم.
(٥١٦)