والصحيح الأول لأن الثمرة لا تتبع في البيع الذي ثبت بتراضيهما ففي الفسخ الحاصل بغير رضى المشترى أولى. ولو باعه أرضا فارغة فزرعها المشتري ثم أفلس فإنه يرجع في الأرض دون الزرع وجها واحدا لأن ذلك من فعل المشتري (الضرب الثالث) أفلس والطلع غير مؤبر فلم يرجع حتى أبر لم يكن له الرجوع كما لو أفلس بعد تأبيرها لأن العين لا تنتقل إلا باختياره لها وهذا لم يخترها إلا بعد تأبيرها فإن ادعى البائع الرجوع قبل التأبير وأنكره المفلس فالقول قول المفلس مع يمينه لأن الأصل بقاء ملكه وعدم زواله. وإن قال له البائع بعت بعد التأبير وقال المفلس بل قبله فالقول قول البائع لهذه العلة فإن شهد الغرماء للمفلس لم تسمع شهادتهم لأنهم يجرون إلى أنفسهم نفعا، وان شهدوا للبائع وهم عدول قبلت شهادتهم لعدم التهمة (الضرب الرابع) أفلس بعد أخذ الثمرة أو ذهبت بجائحة أو غيرها رجع البائع في الأصل والثمرة للمشتري إلا على قول أبي بكر وكل موضع لا يتبع الثمر الشجر إذا رجع البائع فيه فليس له مطالبة المفلس بقطع الثمرة قبل أوان الجزاز، وكذلك إذا رجع في الأرض وفيها زرع للمفلس فليس له المطالبة بأخذه قبل أوان الحصاد لأن المشتري زرع في ارضه بحق وطلعه على الشجر بحق فلم يلزمه اخذه قبل كماله كما لو باع الأصل وعليه الثمرة أو الزرع وليس على صاحب الزرع اجر لأنه زرع في ارضه زرعا تجب تبقيته فكأنه استوفى منفعة الأرض فلم يكن عليه ضمان ذلك. إذا ثبت هذا فإن اتفق المفلس والغرماء على التبقية أو القطع فلهم ذلك، وان اختلفوا فطلب بعضهم قطعه وبعضهم تبقيته نظرنا فإن كان مما لا قيمة له مقطوعا أو قيمته يسيرة لم يقطع لأن قطعه سفه وتضييع للمال وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن إضاعته وان كانت قيمته كثيرة ففيه وجهان (أحدهما) يقدم قول من طلب القطع لأنه أحوط فإن في تبقيته غررا ولان طالب القطع إن كان المفلس فهو يقصد تبرئة ذمته وإن كان الغرماء فهم يطلبون تعجيل حقوقهم وذلك حق لهم وهذا قول القاضي وأكثر أصحاب الشافعي (والثاني) ينظر إلى ما فيه الحظ فيعمل به لأن ذلك أنفع لجميعهم والظاهر سلامته ولهذا يجوز ان يزرع للمولي عليه، وفيه وجه آخر انه إن كان الطالب للقطع الغرماء وجبت اجابتهم لأن حقوقهم حالة فلا يلزمهم تأخيرها مع إمكان ايفائها وإن كان الطالب له المفلس دونهم وكان التأخير أحظ له لم يقطع لأنهم رضوا بتأخير حقوقهم لحظ يحصل لهم وللمفلس والمفلس يطلب ما فيه ضرر بنفسه ومنع للغرماء من استيفاء القدر الذي يحصل من الزيادة بالتأخير فلا يلزم الغرماء اجابته إلى ذلك
(٤٧١)