(فصل) وكل قرض شرط فيه أن يزيده فهو حرام بغير خلاف. قال إن المنذر: أجمعوا على أن المسلف إذا شرط على المستسلف زيادة أو هدية فأسلف على ذلك أن أخذ الزيادة على ذلك ربا وقد روي عن أبي بن كعب وابن عباس وابن مسعود أنهم نهوا عن قرض جر منفعة ولأنه عقد ارفاق وقربة فإذا شرط فيه الزيادة أخرجه عن موضوعه، ولافرق بين الزيادة في القدر أو في الصفة مثل أن يقرضه مكسرة ليعطيه صحاحا أو نقدا ليعطيه خيرا منه وان شرط أن يعطيه إياه في بلد آخر وكان لحمله مؤنة لم يجز لأنه زيادة وان لم يكن لحمله مؤنة جاز وحكاه ابن المنذر عن علي وابن عباس والحسن ابن علي وابن الزبير وابن سيرين وعبد الرحمن بن الأسود وأيوب السختياني والثوري وأحمد وإسحاق وكرهه الحسن البصري وميمون بن أبي شبيب وعبدة بن أبي لبابة ومالك والأوزاعي والشافعي لأنه قد يكون في ذلك زيادة وقد نص أحمد على أن من شرط أن يكتب له بها سفتجة لم يجز، ومعناه اشتراط القضاء في بلد آخر، وروي عنه جوازها لكونها مصلحة لهما جميعا، وقال عطاء: كان ابن الزبير يأخذ من قوم بمكة دراهم ثم يكتب لهم بها إلى مصعب بن الزبير بالعراق فيأخذونها منه فسئل عن ذلك ابن عباس فلم ير به بأسا، وروي عن علي رضي الله عنه أنه سئل عن مثل هذا فلم ير به بأسا، وممن لم ير به بأسا ابن سيرين والنخعي، رواه كله سعيد، وذكر القاضي أن للوصي قرض مال اليتيم في بلد ليوفيه في بلد أخرى ليربح خطر الطريق، والصحيح جوازه لأنه مصلحة لهما من غير ضرر بواحد منهما والشرع لا يرد بتحريم المصالح التي لا مضرة فيها بل بمشروعيتها، ولان هذا ليس بمنصوص على تحريمه ولا في معنى المنصوص فوجب إبقاؤه على الإباحة وإن شرط في القرض أن يؤجر داره أو يبيعه شيئا أو أن يقرضه المقترض مرة أخرى لم يجز لأن
(٣٦٠)