(فصل) فإن كان المبيع أمة فوطئها المشتري فلا حد عليه لاعتقاده انها ملكه ولان في الملك اختلافا وعليه مهر مثلها لأن الحد إذا سقط للشبهة وجب المهر، ولان الوطئ في ملك الغير يوجب المهر وعليه أرش البكارة إن كانت بكرا، فإن قيل أليس إذا تزوج امرأة تزويجا فاسدا فوطئها فأزال بكارتها لا يضمن البكارة؟ قلنا لأن النكاح تضمن الاذن في الوطئ المذهب للبكارة لأنه معقود على الوطئ ولا كذلك البيع فإنه ليس بمعقود على الوطئ بدليل أنه يجوز شراء من لا يحل وطؤها ولا يحل نكاحها، فإن قيل فإذا أوجبتم مهر بكر فكيف توجبون ضمان البكارة وقد دخل ضمانها في المهر؟ وإذا أوجبتم ضمان البكارة فكيف توجبون مهر بكر وقد أدى عوض البكارة بضمانه لها فجرى مجرى من أزال بكارتها بإصبعه ثم وطئها؟ قلنا لأن مهر البكر ضمان المنفعة وأرش البكارة ضمان جزء فلذلك اجتمعا، واما الثاني فإنه إذا وطئها بكرا فقد استوفى نفع هذا الجزء فوجبت قيمته بما استوفى من نفعه فإذا أتلفه وجب ضمان عينه، ولا يجوز ان تضمن العين ويسقط ضمان المنفعة كما لو غصب عينا ذات منفعة فاستوفى منفعتها ثم أتلفها أو غصب ثوبا فلبسه حتى أبلاه وأتلفه فإنه يضمن القيمة والمنفعة كذا ههنا (فصل) وإن ولدت كان ولدها حرا لأنه وطئها بشبهة ويلحق به النسب لذلك ولا ولاء عليه لأنه حر الأصل وعلى الواطئ قيمته يوم وضعه لأنه يوم الحيلولة بينه وبين صاحبه فإن سقط ميتا لم يضمن لأنه إنما يضمنه حين وضعه ولا قيمة له حينئذ، فإن قيل فلو ضرب بطنها فألقت جنينا ميتا وجب ضمانه، قلنا الضارب يجب عليه غرة وههنا يضمنه بقيمته ولا قيمة له، ولان الجاني أتلفه وقطع نماءه وههنا يضمنه بالحيلولة بينه وبين سيده، ووقت الحيلولة وقت السقوط وكان ميتا فلم يجب ضمانه وعليه ضمان نقص الولادة، وان ضرب بطنها أجنبي فألقت جنينا ميتا فعلى الضارب غرة عبد أو أمة للسيد منها أقل الأمرين من أرش الجنين أو قيمته يوم سقط لأن ضمان الضارب له قام مقام خروجه حيا ولذلك ضمنه البائع. وإنما كان للسيد أقل الأمرين لأن الغرة ان كانت أكثر من القيمة فالباقي منها لورثته لأنه حصل بالحرية فلا يستحق السيد منها شيئا، وإن كانت أقل لم يكن على الضارب أكثر منها لأنه بسبب ذلك ضمن، وإن ضرب الواطئ بطنها فألقت الجنين ميتا فعليه الغرة أيضا ولا يرث منها شيئا وللسيد أقل الأمرين كما ذكرنا وإن سلم الجارية المبيعة إلى البائع حاملا فولدت عنده ضمن نقص الولادة وإن تلفت بذلك ضمنها لأن تلفها بسبب منه، وان ملكها الواطئ لم تصر بذلك أم ولد على الصحيح من المذهب لأنها علقت منه في غير ملكه فأشبه الزوجة، وهكذا كل موضع حبلت في ملك غيره ولا تصير له أم ولد بهذا (فصل) إذا باع المشتري المبيع الفاسد لم يصح لأنه باع ملك غيره بغير اذنه وعلى المشتري رده على البائع الأول لأنه مالك ولبائعه أخذه حيث وجده ويرجع المشتري الثاني بالثمن على الذي باعه ويرجع الأول على بائعه فإن تلف في يد الثاني فللبائع مطالبة من شاء منهما لأن الأول ضامن والثاني قبضه من يد ضامنه بغير إذن صاحبه فكان ضامنا، فإن كانت قيمته أكثر من ثمنه فضمن الثاني لم يرجع بالفضل على الأول لأن التلف في يده فاستقر الضمان عليه، فإن ضمن الأول رجع بالفضل على الثاني (فصل) وان زاد المبيع في يد المشتري بسمن أو نحوه ثم نقص حتى عاد إلى ما كان عليه أو ولدت
(٢٨٨)