ما اشتراه يبين امره يعني يخبر انه ربح فيه مرة ثم اشتراه وهذا محمول على الاستحباب لما ذكرناه، وقال أبو حنيفة لا يجوز بيعه مرابحة إلا أن يبين أمره أو يخبر ان رأس ماله عليه خمسة وهذا قول القاضي وأصحابه لأن المرابحة تضم فيها العقود فيخبر بما تقوم عليه كما تضم أجرة الخياط والقصار، وقد استفاد بهذا العقد الثاني تقرير الربح في العقد الأول لأنه أمن أن يرده عليه ولان الربح أحد نوعي النماء فوجب أن يخبر به في المرابحة كالولد والثمرة، فعلى هذا ينبغي أنه إذا طرح الربح من الثمن الثاني يقول تقوم علي بخمسة ولا يجوز أن يقول اشتريته بخمسة لأن ذلك كذب والكذب حرام ويصير كما لو ضم أجرة القصارة والخياطة إلى الثمن وأخبر به. ولنا ما ذكرناه فيما تقدم، وما ذكروه من ضم القصارة والخياطة والولد والثمرة فشئ بنوه على أصلهم لا نسلمه، ثم لا يشبه هذا ما ذكره لأن المؤنة والنماء لزماه في هذا البيع الذي يلي المرابحة وهذا الربح في عقد آخر قبل هذا الشراء فأشبه الخسارة فيه، وأما تقرير الربح فغير صحيح فإن العقد الأول قد لزم ولم يظهر العيب ولم يتعلق به حكمه ثم قد ذكرنا في مثل هذه المسألة ان للمشتري أن يرده على البائع إذا ظهر على عيب قديم وإذا لم يلزمه طرح النماء والغلة فههنا أولى، ويجئ على هذا القول انه لو اشتراه بعشرة ثم باعه بعشرين ثم اشتراه بعشرة فإنه يخبر أنها حصلت بغير شئ، وان اشتراها بعشرة ثم باعها بثلاثة عشر ثم اشتراها بخمسة أخبر أنها تقومت عليه بدرهمين، وان اشتراها بخمسة عشر أخبر أنها تقومت عليه باثني عشر نص أحمد على نظير هذا، وعلى هذا يطرح الربح من الثمن الثاني كيفما كان فإن لم يربح ولكن اشتراها ثانية بخمسة أخبر بها لأنها ثمن العقد الذي يلي المرابحة، ولو خسر فيها مثل أن اشتراها بخمسة عشر ثم باعها بعشرة ثم اشتراها بأي ثمن كان أخبر به ولم يجز أن يضم الخسارة إلى الثمن الثاني فيخبر به في المرابحة بغير خلاف نعلمه وهذا يدل على صحة ما ذكرناه والله أعلم (فصل) وكل ما قلناه انه يلزمه أن يخبر به في المرابحة وبينه فلم يفعل فإن البيع لا يفسد به ويثبت للمشتري الخيار بين الاخذ به وبين الرد إلا في الخبر بزيادة على رأس ماله على ما قدمناه من القول فيه، وأن اشتراه بثمن مؤجل ولم يبين أمره فعن أحمد انه مخير بين اخذه بالثمن الذي وقع عليه العقد حالا وبين الفسخ وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي لأن البائع لم يرض بذمة المشتري وقد تكون ذمته دون ذمة البائع فلا يلزمه الرضى بذلك، وحكى ابن المنذر عن أحمد انه إن كان المبيع قائما كان له ذلك إلى الاجل يعني وان شاء فسخ، وإن كان قد استهلك حبس المشتري الثمن بقدر الاجل وهذا قول شريح لأنه كذلك وقع على البائع فيجب أن يكون للمشتري أخذه بذلك على صفته كما لو أخبر بزيادة على الثمن، وكونه لم يرض بذمة المشتري لا يمنع نفوذ البيع بذلك كما أنه إذا أخبر بزيادة لم يرض ببيعه الا بما أخبر به ولم يلتفت إلى رضاه بل وجب الرجوع إلى ما وقع به البيع الأول كذا ههنا (فصل) فإن ابتاعه بدنانير فأخبر انه اشتراه بدراهم أو كان بالعكس أو اشتراه بعرض فأخبر انه اشتراه بثمن، أو بثمن فأخبر انه اشتراه بعرض وأشباه هذا فللمشتري الخيار بين الفسخ والرجوع
(٢٦٣)