لأنه يدل على الرضا به فأسقط خياره كالتصرف فيه، ولنا انه خيار لدفع ضرر متحقق فكان على التراخي كالقصاص ولا نسلم دلالة الامساك على الرضا به (الفصل الثالث) أنه لا يخلوا المبيع من أن يكون بحاله فإنه يرده ويأخذ رأس ماله أو يكون قد زاد بعد العقد أو جعلت له فائدة فذلك قسمان (أحدهما) أن تكون الزيادة متصلة كالسمن والكبر والتعلم والحمل قبل الوضع والثمرة قبل التأبير فإنه يردها بنمائها لأنه يتبع في العقود والفسوخ (القسم الثاني) أن تكون الزيادة منفصلة وهي نوعان (أحدهما) أن تكون الزيادة من غير عين المبيع كالكسب وهو معنى قوله أو استغلها يعني أخذ غلتها وهي منافعها الحاصلة من جهتها كالخدمة والأجرة والكسب، وكذلك ما يوهب أو يوصى له به فكل ذلك للمشتري في مقابلة ضمانه لأن العبد لو هلك هلك من مال المشتري وهو معنى قوله عليه السلام " الخراج بالضمان " ولا نعلم في هذا خلافا، وقد روي ابن ماجة عن هشام بن عمار عن مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا اشترى عبدا فاستغله ما شاء الله ثم وجد به عيبا فرده فقال يا رسول الله انه استغل غلامي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الخراج بالضمان " ورواه أبو داود والشافعي ورواه سعيد في سننه عن مسلم بهذا الاسناد وقال فيه " الغلة بالضمان " وبهذا قال أبو حنيفة ومالك والشافعي ولا نعلم عن غيرهم خلافهم (النوع الثاني) أن تكون الزيادة من عين المبيع كالولد والثمرة واللبن فهي للمشتري أيضا ويرد الأصل دونها وبهذا قال الشافعي، وقال مالك إن كان النماء ثمرة لم يردها وإن كان ولدا رده معها لأن الرد حكم فسرى إلى ولدها كالكتابة، وقال أبو حنيفة النماء الحادث في يد المشتري يمنع الرد لأنه لا يمكن رد الأصل بدونه لأنه من موجبه فلا يرفع العقد مع بقاء موجبه ولا يمكن رده لأنه لم يتناوله العقد. ولنا أنه حادث في ملك المشتري فلم يمنع الرد كما لو كان في يد البائع وكالكسب ولأنه نماء منفصل فجاز رد الأصل بدونه كالكسب والثمرة عند مالك، وقولهم ان النماء موجب القعد غير صحيح إنما موجبه الملك ولو كان موجبا للعقد لعاد إلى البائع بالفسخ، وقول مالك لا يصح لأن الولد ليس بمبيع فلا يمكن رده بحكم رد الام ويبطل ما ذكره بنقل الملك بالهبة والبيع وغيرهما فإنه لا يسري إلى الولد بوجوده في الام وإن كان قد نقص فهذا نذكر حكمه إن شاء الله تعالى (الفصل الرابع) إن كان المبيع جارية ثيبا فوطئها المشتري قبل علمه بالعيب فله ردها وليس معها شئ، وروي ذلك عن زيد بن ثابت وبه قال مالك والشافعي وأبو ثور وعثمان البتي وعن أحمد رواية أخرى أنه يمنع الرد ويروي ذلك عن علي رضي الله عنه وبه قال الزهري والثوري وأبو حنيفة وإسحاق لأن الوطئ يجري مجرى الجنابة لأنه لا يخلو في ملك الغير من عقوبة أو مال فوجب أن يمنع الرد كما لو كانت بكرا، وقال شريح والشعبي والنخعي وسعيد بن المسيب وابن أبي ليلى يردها ومعها أرش. واختلفوا فيه فقال شريح والنخعي نصف عشر ثمنها وقال الشعبي حكومة وقال ابن المسيب عشرة دنانير وقال ابن أبي ليلى مهر مثلها وحكي نحو قوله عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وذكره
(٢٣٩)