{الفصل الثالث في الخيار} اختلف أصحابنا في مدته فقال القاضي هو مقدر بثلاثة أيام ليس له الرد قبل مضيها ولا امساكها بعدها فإن أمسكها بعد ذلك لم يكن له الرد، قال وهو ظاهر كلام أحمد وهو قول بعض أصحاب الشافعي لأن أبا هريرة روى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " من اشترى مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام ان شاء أمسكها وان شاء ردها ورد معها صاعا من تمر " رواه مسلم قالوا فهذه الثلاثة قدرها الشارع لمعرفة التصرية فإنها لا تعرف قبل مضيها لأنها في اليوم الأول لبنها لبن التصرية وفي الثاني يجوز أن يكون لبنها نقص لتغير المكان واختلاف العلف وكذلك في الثالث، فإذا مضت الثلاثة استبانت التصرية وثبت الخيار على الفور ولا يثبت قبل انقضائها، وقال أبو الخطاب عندي متى ثبتت التصرية جاز له الرد قبل الثلاثة وبعده لأنه تدليس يثبت الخيار فملك الرد به إذا تبينه كسائر التدليس، وهذا قول بعض المدنيين فعلى هذا يكون فائدة التقدير في الخبر بالثلاثة لأن الظاهر أنه لا يحصل العلم الا بها فاعتبرها لحصول العلم ظاهرا فإن حصل العلم بها أو لم يحصل بها فالاعتبار به دونها كما في سائر التدليس، وظاهر قول ابن أبي موسى أنه متى علم. التصرية ثبت له الخيار في الأيام الثلاثة إلى تمامها وهذا قول ابن المنذر وأبي حامد من أصحاب الشافعي وحكاه عن الشافعي نصا لظاهر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه يقتضي ثبوت الخيار في الأيام الثلاثة كلها، وعلى قول القاضي لا يثبت الخيار في شئ منها وإنما يثبت عقبها، وقول أبي الخطاب يسوي بين الأيام الثلاثة وبين غيرها، والعمل بالخبر أولى والقياس ما قال أبو الخطاب لأن الحكم كذلك في العيوب وسائر التدليس {مسألة} قال (وسواء كان المشترى ناقة أو بقرة أو شاة) جمهور أهل العلم على أنه لافرق في التصرية بين الشاة والناقة والبقرة وشذ داود فقال لا يثبت الخيار بتصرية البقرة لأن الحديث " لا تصروا الإبل والغنم " فدل على أن ما عداهما بخلافهما ولان الحكم ثبت فيهما بالنص والقياس لا تثبت به الأحكام. ولنا عموم قوله " من اشترى مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام " وفي حديث ابن عمر " من ابتاع محفلة " ولم يفصل، ولأنه تصرية بلبن من بهيمة الأنعام أشبه الإبل والغنم، والخبر فيه تنبيه على تصرية البقر لأن لبنها أغزر وأكثر نفعا، وقولهم إن الأحكام لا تثبت بالقياس ممنوع ثم هو ههنا ثبت بالتنبيه وهو حجة عند الجميع (فصل) إذا اشترى مصراتين أو أكثر في عقد واحد فردهن رد مع كل مصراة صاعا، وبهذا قال الشافعي وبعض أصحاب مالك وقال بعضهم في الجميع صاع واحد لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " من اشترى غنما مصراة فاحتلبها فإن رضيها أمسكها وان سخطها ففي حلبتها صاع من تمر " ولنا عموم قوله " من اشترى مصراة - و - من اشترى محفلة " وهذا يتناول الواحدة ولان ما جعل عوضا عن الشئ في صفقتين وجب إذا كان في صفقة واحدة كأرش العيب، وأما الحديث فإن الضمير يعود إلى الواحدة (فصل) فإن اشترى مصراة من غير بهيمة الأنعام كالأمة والاتان والفرس ففيه وجهان (أحدهما)
(٢٣٦)