اشتراه فيقول لغريمه اذهب فاقبض الطعام الذي اشتريته لنفسك فلا يجوز ذلك لأنه لا يجوز أن يقبضه قبل قبضه له، وقد ذكرنا تفريع هذا في الفصل الذي قبل هذه المسألة (فصل) إذا كان لرجل في ذمة آخر طعام من قرض لم يجز أن يبيعه من غيره قبل قبضه لأنه غير قادر على تسليمه، ويجوز بيعه ممن هو في ذمته في الصحيح من المذهب لحديث ابن عمر كنا نبيع الأبعرة بالبقيع بالدراهم فنأخذ مكانها الدنانير. وهذا مذهب الشافعي، وروي أنه لا يصح كما لا يصح في السلم والأول أولى، فإن اشتراه منه بموصوف في الذمة من غير جنسه جاز ولا يتفرقا قبل القبض لأنه يكون بيع دين بدين فإن أعطاه معينا مما يشترط فيه التقابض مثل أن أعطاه بدل الحنطة شعيرا جاز ولم يجز التفرق قبل القبض وان أعطاه معينا لا يشترط فيه التقابض جاز التفرق قبل القبض كما لو قال بعتك هذا الشعير بمائة درهم في ذمتك ويحتمل ان لا يجوز لأن المبيع في الذمة فلم يجز التفرق قبل القبض كالسلم (فصل) وإذا قال رجل لغريمه بعني هذا على أن أقضيك دينك منه ففعل فالشرط باطل لأنه شرط أن لا يتصرف فيه بغير القضاء وهل يبطل البيع؟ ينبني على الشروط الفاسدة في البيع هل تبطله على الروايتين، وان قال اقضني حقي على أن أبيعك كذا وكذا فالشرط باطل والقضاء صحيح لأنه قبضه حقه، وإن قال اقضني أجود من مالي على أن أبيعك كذا وكذا فالقضاء والشرط باطلان، وعليه رد ما قبضه والمطالبة بماله.
{مسألة} قال (وليس كذلك الإقالة لأنها فسخ وعن أبي عبد الله الإقالة بيع) اختلفت الرواية في الإقالة فعنه أنها فسخ وهو الصحيح، واختيار أبي بكر وهو مذهب الشافعي (والثانية) أنها بيع وهي مذهب مالك لأن المبيع عاد إلى البائع على الجهة التي خرج عليها منه فلما كان الأول بيعا كذلك الثاني، ولأنه نقل الملك بعوض على وجه التراضي فكان بيعا كالأول وحكي عن أبي حنيفة أنها فسخ في حق المتعاقدين بيع في حق غيرهما فلا تثبت أحكام البيع في حقهما بل تجوز في السلم وفي المبيع قبل قبضه، ويثبت حكم المبيع في حق الشفيع حتى يجوز له أخذ الشقص الذي تقايلا فيه بالشفعة ولنا أن الإقالة هي الدفع والإزالة يقال أقالك الله عثرتك أي أزالها قال النبي صلى الله عليه وسلم " من أقال نادما بيعته أقاله الله عثرته يوم القيامة " قال ابن المنذر وفي اجماعهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الطعام قبل قبضه مع اجماعهم على أن له أن يقيل المسلم جميع السلم فيه دليل على أن الإقالة ليست بيعا، ولأنها تجوز في المسلم فيه قبل قبضه فلم تكن بيعا كالاسقاط ولأنها تتقدر بالثمن الأول، ولو كانت بيعا لم تتقدر به، ولأنه عاد إليه المبيع بلفظ لا ينعقد به البيع فسخا كالرد بالعيب ويدل على أبي حنيفة بان ما كان فسخا في حق المتعاقدين كان فسخا في حق غيرهما كالرد بالعيب والفسخ بالخيار، ولان حقيقة الفسخ لا تختلف بالنسبة إلى شخص دون شخص، والأصل اعتبار الحقائق