فإن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح وما دون الثلث داخل فيه فيجب وضعه ولأن هذه الثمرة لم يتم قبضها فكان ما تلف منها من مال البائع، وإن كان قليلا كالتي على وجه الأرض وما أكله الطير أو سقط لا يؤثر في العادة ولا يسمى جائحة فلا يدخل في الخبر ولا يمكن التحرز منه فهو معلوم الوجود بحكم بحكم العادة فكأنه مشروط. إذا ثبت هذا فإنه إذا تلف شئ له قدر خارج عن العادة وضع من الثمن بقدر الذاهب فإن تلف الجميع بطل العقد ويرجع المشتري بجميع الثمن، وأما على الرواية الأخرى فإنه يعتبر ثلث المبلغ وقيل ثلث القيمة فإن تلف الجميع أو أكثر من الثلث رجع بقيمة التالف كله من الثمن، وإذا اختلفا في الجائحة أو قدر ما أتلف فالقول قول البائع لأن الأصل السلامة ولأنه غارم والقول في الأصول قول الغارم (فصل) فإن بلغت الثمرة أو ان الجزاز فلم يجزها حتى اجتيحت فقال القاضي عندي لا يوضع عنه لأنه مفرط بترك النقل في وقته مع قدرته فكان الضمان عليه، ولو اشترى ثمرة قبل بدو صلاحها بشرط القطع فامكنه قطعها فلم يقطعها حتى تلفت فهي من ضمانه لأن تلفها بتفريطه، وإن تلفت قبل امكان قطعها فهي من ضمان بائعها كالمسألة فيها (فصل) إذا استأجر أرضا فزرعها فتلف الزرع فلا شئ على المؤجر نص عليه أحمد ولا نعلم فيه خلافا لأن المعقود عليه منافع الأرض ولم تتلف وإنما تلف مال المستأجر فيها فصار كدار استأجرها ليقصر فيها ثيابا فتلفت الثياب فيها.
{مسألة} قال (وإذا وقع البيع على مكيل أو على موزون أو معدود فتلف قبل قبضه فهو من مال البائع) ظاهر كلام الخرقي أن المكيل والموزون والمعدود لا يدخل في ضمان المشتري إلا بقبضه سواء كان متعينا كالصبرة أو غير متعين كقفيز منها وهو ظاهر كلام أحمد ونحوه قول إسحاق، وروي عن عثمان بن عفان وسعيد بن المسيب والحسن والحكم وحماد بن أبي سليمان أن كل ما بيع على الكيل والوزن لا يجوز بيعه قبل قبضه، وما ليس بمكيل ولا موزون بجوز بيعه قبل قبضه، وقال القاضي وأصحابه المراد بالمكيل والموزون والمعدود ما ليس بمتعين منه كالقفيز من صبرة والرطل من زبرة ومكيلة زيت من دن فأما المتعين فيدخل في ضمان المشتري كالصبرة يبيعها من غير تسمية كيل، وقد نقل عن أحمد ما يدل على قولهم فإنه قال في رواية أبي الحارث في رجل اشترى طعاما فطلب من يحمله فرجع وقد احترق الطعام فهو من مال المشتري واستدل بحديث ابن عمر: ما أدركت الصفقة حيا مجموعا فهو من مال المشتري. وذكر الجوزجاني عنه فيمن اشترى ما في السفينة صبرة ولم يسم كيلا فلا بأس أن يشرك فيها ويبيع ما شاء إلا أن يكن بينهما كيل فلا يولي حتى يكال عليه ونحو هذا قال مالك فإنه قال: ما بيع