(فصل) وفي أنفاق المغشوش من النقود روايتان أظهرهما الجواز نقل صالح عنه في دراهم يقال لها المسيبية عامتها نحاس الا شيئا فيها فضة فقال إذا كان شيئا اصطلحوا عليه مثل الفلوس اصطلحوا عليها فأرجو أن لا يكون بها بأس (والثانية) التحريم نقل حنبل في دراهم يخلط فيها مس ونحاس يشتري بها ويباع فلا يجوز أن يبتاع بها أحد، كل ما وقع عليه اسم الغش فالشراء به والبيع حرام، وقال أصحاب الشافعي إن كان الغش مما لا قيمة له جاز الشراء بها، وإن كان من مما له قيمة ففي جواز انفاقها وجهان واحتج من منع انفاق المغشوشة بقول النبي صلى الله وسلم " من غشنا فليس منا " وبأن عمر رضي الله عنه نهى عن بيع نفاية بيت المال، ولان المقصود فيه مجهول أشبه تراب الصاغة، والأولى أن يحمل كلام أحمد في الجواز على الخصوص فيما ظهر غشه واصطلح عليه فإن المعاملة به جائزة إذ ليس فيه أكثر من اشتماله على جنسين لا غرر فيهما فلا يمنع من بيعهما كما لو كانا متميزين، ولان هذا مستفيض في الاعصار جار بينهم من غير نكير وفي تحريمه مشقة وضرر وليس شراؤه بها غشا للمسلمين ولا تغريرا لهم والمقصود منها ظاهر مرئي معلوم بخلاف تراب الصاغة، ورواية المنع محمولة على ما يخفى غشه ويقع اللبس به فإن ذلك يفضي إلى التغرير بالمسلمين وقد أشار أحمد إلى هذا في رجل اجتمعت عنده دراهم زيوف ما يصنع بها؟ قال يسبكها، قيل له فيبيعها بدنانير؟ قال لا. قيل يبيعها بفلوس؟ قال لا. قيل فبسلعة قال لا، اني أخاف أن غير بها مسلما. قيل لأبي عبد الله أيتصدق بها؟ قال إني أخاف أن يغربها مسلما وقال ما ينبغي له لأنه يغر بها المسلمين ولا أقول إنه حرام لأنه على تأويل وذلك أنما كرهته لأنه يغر بها مسلما. فقد صرح بأنه إنما كرهه لما فيه من التغرير بالمسلمين وعلى هذا يحمل منع عمر نفاية بيت المال لما فيه من التغرير
(١٧٦)