باختلاف أصوله وهذا الدليل ينتقض بالتمر الهندي والتمر البرني وعسل القصب وعسل النحل وغير ذلك فعلى هذا لحم الإبل كله صنف بخاتيها وعرابها، والبقر عرابها وجواميسها صنف، والغنم ضأنها ومعزها صنف ويحتمل أن يكونا صنفين لأن الله تعالى سماها في الأزواج الثمانية فقال (ثمانية أزواج من الضأن اثنين ومن المعز اثنين) ففرق بينهما كما فرق بين الإبل والبقر فقال (ومن الإبل اثنين ومن البقر اثنين) والوحش أصناف بقرها صنف وغنمها صنف وظباؤها صنف وكل ماله يخصه اسم يخصه فهو صنف والطيور أصناف كل ما انفرد باسم وصفة فهو صنف فيباع لحم صنف بلحم صنف آخر متفاضلا ومتماثلا ويباع بصفة متماثلا ومن جعلها صنفا واحدا لم يجز عنده بيع لحم بلحم الا متماثلا {مسألة} قال (ولا يجوز بيع بعضه ببعض رطبا ويجوز إذا تناهى جفافه مثلا بمثل) اختار الخرقي أنه لا يباع بعضه ببعض الا في خال جفافه وذهاب رطوبته كلها وهو مذهب الشافعي وذهب أبو حفص في شرحه إلى هذا، قال القاضي والمذهب جواز بيعه ونص عليه، وقوله في الرطب بالرطب بجواز البيع ينبه على إباحة بيع اللحم باللحم من حيث كان اللحم حال كماله ومعظم نفعه في حال رطوبته دون حال يبسه فجرى مجرى اللبن بخلاف الرطب فإن حال كماله ومعظم نفعه في حال يبسه فإذا جاز فيه البيع ففي اللحم أولى ولأنه وجد التماثل فيهما في الحال على وجه لا ينفرد أحدهما بالنقص فجاز كبيع اللبن باللبن، فأما بيع رطبه بيابسه أو نيئه بمطبوخه أو مشوية فغير جائز لانفراد أحدهما بالنقص في الثاني فلم يجز كالرطب بالتمر (فصل) قال القاضي ولا يجوز بيع بعضه ببعض الا منزوع العظام كما لا يجوز بيع العسل بالعسل الا بعد التصفية وهذا أحد الوجهين لأصحاب الشافعي وكلام أحمد رحمه الله يقتضي الإباحة من غير نزع عظامه ولا جفافه قال في رواية حنبل إذا صار إلى الوزن مثلا بمثل رطلا برطل فأطلق ولم يشترط شيئا وذلك لأن العظم تابع للحم بأصل الخلقة فلم يشترط نزعه كالنوى في التمر وفارق العسل من حيث إن اختلاط الشمع بالعسل من فعل النحل لا من أصل الخلقة (فصل) واللحم والشحم جنسان والكبد صنف والطحال صنف والقلب صنف والمخ صنف ويجوز بيع كل صنف بصنف آخر متفاضلا، وقال القاضي لا يجوز بيع اللحم بالشحم وكره مالك ذلك الا أن يتماثلا، وظاهر المذهب إباحة البيع فيهما متماثلا ومتفاضلا، وهو قول أبي حنيفة والشافعي لأنهما جنسان فجاز فيهما كالذهب والفضة وان منع منه لكون اللحم لا يخلو من شحم لم يصح لأن الشحم لا يظهر وإن كان فيه شئ فهو غير مقصود فلا يمنع البيع ولو منع لذلك لم يجز بيع لحم بلحم لاشتمال كل واحد منهما على ما ليس من جنسه ثم لا يصح هذا عند القاضي لأن السمين الذي يكون
(١٤٣)