اشترى نصيب شريكه مما تعين له بنصيبه فيما تعين فيما تعين لشريكه وللشافعي قولان كالمذهبين، والظاهر أنها افراز حق بدليل اعتبار تعديل السهام ودخول القرعة فيها ولزومها بها والا جبار عليها وأنها لا تفتقر إلى لفظ بيع ولا تمليك ولا يدخلها خيار ولا تجوز الا بقدر الحقين ولا يثبت فيها شفعة وتختص باسم، وتغاير الأحكام والأسماء دليل على اختلافهما، وروي عن ابن عباس أنه قال قسمت الصحابة رضي الله عنهم الغنائم بالجحف وذلك كيل الأثمان بمحضر من جماعة كثيرة منهم وانتشر في بقيتهم فلم ينكر فصار اجماعا على ما قلناه.
(فصل) في معرفة المكيل والموزون والمرجع في ذلك إلى العرف بالحجاز في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا قال الشافعي، وحكي عن أبي حنيفة أن الاعتبار في كل بلد بعادته، ولنا ما روي عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المكيال ميكال المدينة والميزان ميزان مكة " والنبي صلى الله عليه وسلم إنما يحمل كلامه على بيان الأحكام ولان ما كان مكيلا بالحجاز في زمن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف التحريم في تفاضل الكيل إليه فلا يجوز أن يتغير بعد ذلك وهكذا الموزون، وما لا عرف له بالحجاز يحتمل وجهين (أحدهما) يرد إلى أقرب الأشياء شبها به بالحجاز كما أن الحوادث ترد إلى أشبه المنصوص عليه بها وهو القياس (والثاني) يعتبر عرفه في موضعه فإن لم يكن له في الشرع حد كان المرجح فيه إلى العرف كالقبض والاحراز والتفرق وهذا قول أبي حنيفة، وعلى هذا ان اختلفت البلاد فالاعتبار بالغالب فإن لم يكن غالب بطل هذا الوجه وتعين الأول ومذهب الشافعي على هذين الوجهين، فالبر والشعير مكيلان منصوص عليهما بقول النبي صلى الله عليه وسلم " البر بالبر كيلا بكيل والشعير بالشعير كيلا بكيل " وكذلك سائر الحبوب والأبازير والأشنان والجص والنورة وما أشبهها. والتمر مكيل وهو من المنصوص عليه وكذلك سائر تمر النخل من الرطب والبسر وغيرهما وسائر ما تجب فيه الزكاة من الثمار مثل الزبيب والفستق والبندق والعناب والمشمش والبطم والزيتون واللوز. والملح مكيل وهو من النصوص عليه بقوله عليه السلام " الملح بالملح مدي بمدي " والذهب والفضة موزونان ثبت ذلك بقول النبي صلى الله عليه وسلم " الذهب بالذهب وزنا بوزن والفضة بالفضة وزنا بوزن " وكذلك ما أشبههما من جواهر الأرض كالحديد والنحاس والصفر والرصاص والزجاج والزئبق ومنه الإبريسم والقطن والكتان والصوف وغزل ذلك وما أشبهه ومنه الخبز واللحم والشحم والحين والزبد والشمع وما أشبهه. وكذلك الزعفران والعصفر والورس وما أشبه ذلك