أدى حقا واجبا عليه لا يكون له فيه منة وهو باطل لقوله تعالى لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا الآية وقوله تعالى بل الله يمن عليكم أن هداكم للإيمان وفيه رد على معتزلة بغداد القائلين بوجوب الأصلح عليه تعالى بمعنى الأرفق للعبد في الدارين في الحكمة والتدبير وعلي معتزلة البصرة القائلين بأن الواجب عليه ما هو الأنفع في الدارين واتفق الفريقان على وجوب الأقدار والتمكن وفساد أصولهم في ذلك أشهر من أن يذكر لما يلزم عليها من الفساد الناشئ عما ارتكبوه من العناد إذ لو كان كما زعموا لما خلق الله الكافر الفقير في الدنيا المعذب في الآخرة ولما كان امتنانه تعالى على النبي صلى الله عليه وسلم فوق امتنانه على أبي جهل لعنه الله إذ فعله تعالى لكل منهما غاية مقدوره من الأصلح له ولما كان لسؤال العصمة والتوفيق وكشف الضر والبسط في الخصب والرخاء معنى لأن ما لم يفعله في حق كل أحد فهو مفسدة له يجب على الله تعالى تركها ولما بقي في قدرته تعالى بالنسبة إلى مصالح العباد شئ إذ قد أتى بالواجب وكل ذلك ظاهر البطلان ومولانا القادر على كل شئ منزه عنه ولذا ترك الأشعري مذهب أستاده أبي علي الجبائي حين قال له ما تقول في ثلاثة أخوة مات أحدهم مطيعا والثاني عاصيا والثالث لا يثاب ولا يعاقب قال الأشعري فإن قال الثالث يا رب لم أمتني صغيرا وما أبقيتني إلى أن أكبر فأؤمن بك وأطيعك فأدخل الجنة فقال يقول الرب كنت أعلم أنك لو كبرت لعصيت فدخلت النار فكان الأصلح أن تموت صغيرا فقال الأشعري فإن قال الثاني يا رب لم لم تمتني صغيرا لئلا أعصيك فلا أدخل النار ماذا يقول الرب فبهت الجبائي فترك الأشعري مذهبه واشتغل هو ومن تابعه بإبطال رأي المعتزلة وإثبات ما ورد به الكتاب والسنة ومضى عليه الجماعة فسموا أهل السنة والجماعة تنبيه نقل بعض محشي العقائد أن المشهور من أهل السنة في ديار خراسان والعراق والشام وأكثر الأقطار: الأشاعرة أصحاب أبي الحسن علي بن إسماعيل بن إسحاق بن سالم بن إسماعيل بن أبي عبد الله أبي بردة بن أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أول من خالف أبي علي الجبائي ورجع عن مذهبه كما تقدم وفي ديرا ما وراء النهر: الماتريدية أصحاب أبي منصور الماتريدي تلميذ أبي نصر العياضي تلميذ أبي بكر الجرجاني صاحب أبي
(٤٧)