الأنباء والكلام فيما قارنه والفرق أن هذا منفر بخلافه فيمن استقرت نبوته ومن قلة مروءة كأكل في طريق ومن دنائة صنعة كحجامة أوحى إليه بشرع وأمر بتبليغه وإن لم يكن له كتاب ولا نسخ كيوشع فإن لم يؤمر بتبليغ فنبي فقط فبينهما عموم وخصوص مطلق وهو أفضل من النبي إجماعا لتميزه بالرسالة التي هي على الأصح أفضل من النبوة خلافا لبعضهم ووجه تفضيل الرسالة على النبوة كما قال المحققون إن الرسالة تثمر هداية الأمة والنبوة قاصرة على النبي فنسبتها إلى النبوة كنسبة العالم المقرر المحدد إلى العالم صح فقط والخلاف فيهما مع اتحاد محلهما وقيامهما معا بشخص واحدا ما مع تعدد المحل فلا خلاف في أفضلية الرسالة على النبوة فقط ضرورة ضم الرسالة إليها وأراد المص بالرسول ما يعم النبي على القول بأنهما مترادفان لكنه مخالف لما عليه الجمهور كما قدمنا والأملاك جمع ملك كسفر وأسفار أو جمع مألك بهمزة قبل اللام من الالوكة وهي الرسالة ثم أخرت الهمزة عن اللام وحذفت تخفيفا لكثرة الاستعمال ويجمع لي ملائك برد الهمزة ويلحقه زيادة التاء فيقال ملائكة وبه ورد القرآن الكريم وهم باتفاق العقلاء ذوات موجودة فأئمة بأنفسها واختلف في حقيقتهم فذهب جمهور المسلمين إلى أنهم أجسام لطيفة نورانية تظهر في صور مختلفة وتقوى على أفعال شاقة لا يوصفون بأنوثة ولا بذكورة وهم قسمات قسم شانهم الاستغراق في معرفة الخلاق كما وصفهم الله قوله يسبحون الليل والنهار لا يفترون والقسم الثاني شانهم تدبير الأمر من السماء إلى الأرض على ما سبق به القضاء وجرى به القلم الإلهي لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون وهم المدبرات أمرا وهؤلاء منهم سماوية ومهم أرضية على تفصيل ذكره في الطوالع وقد جاء في صفتهم من الأحاديث ما يدل على عظمهم روي أنه عليه السلام قال أتاني ملك لم ينزل في الأرض قبلها قط برسالة من ربي فوضع رجله فوق سماء الدنيا ورجله الأخرى ثابتة في الأرض لم ير قبلها وورد أن لله ملكا يملأ ثلث الكون وملكا يملأ ثلثيه وملكا يملأ الكون وقد ورد في عظمهم ما هو فوق ذلك فإن قيل إذا ملأ أحدهم الكون أين يكون الآخر أجيب بأنهم أنوار والأنوار لا تتزاحم ألا ترى أنه لو وضع سراج في بيت ملأه نورا فلو أتيت بعده بألف سراج وسع البيت أنوارها كلها ذكره ابن عطاء عن شيخه المرسي وأخرج الترمذي وابن ماجة والبزار من حديث أبي ذر رضي الله عنه مرفوعا أطت السماء وحق لها أن تئط ما فيها موضع أربع أصابع إلا وعليه ملك ساجد الحديث
(٥٠)