قال الماء لا ينجسه شئ * افترى ان ابن عباس يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم خبر اثم يتركه * قلنا * لم يتركه بل خصصه كما خصصته أنت أيها الشافعي بنجاسة ما دون القلتين بالنجس ولو لم يتغير وبنجاسة ما بلغ قلتين فصاعدا بالتغير * ثم حكي البيهقي (عن الشافعي انه أول نزح زمزم ان صح بأنه كان للتنظيف لا للنجاسة) * قلت يمنع ذلك ان ابن عباس وابن الزبير امر بالنزح ومطلق الامر للوجوب وليس ذلك الا بالتنجيس ويبعد هذا التأويل أيضا انهم بالغوا في المنزح وسعد العين كما مر ولو كان للتنظيف لم يبالغوا هذا المبالغة العظيمة * ثم حكى البيهقي عن الشافعي (أنه قال وقد يكون الدم ظهر على وجه الماء حتى رئي) * قلت * الغالب ان من يقع في الماء يموت خنقا ولا يخرج منه دم ولو خرج كان قليلا لا يصل إلى أن يظهر على وجه الماء الكثير ويرى فيه لما مر ان زمزم لا تذم * قال الهروي وابن الأثير ويغر هما قيل معناه لا يوجد ماؤها قليلا من قولهم بئر ذمة إذا كانت قليلة الماء وقال السهيلي هو من إذ ممت البئر إذا وجدتها ذمة كما تقول أجنبت الرجل إذا وجدته جبانا وأكذبته إذا وجدته كاذبا وفى التنزيل * فإنهم لا يكذبونك * انتهى كلامه وأيضا فان الراوي جعل علة نزحها موته دون غلبة دمه لقوله مات فامر ان تنزح كقوله زنى ماعز فرجم ثم حكى البيهقي عن الشافعي (أنه قال يعنى لمخالفيه زعمت أن ابن عباس نزح زمزم من زنجي وقع فيها وأنت تقول يكفي من ذلك أربعون أو ستون دلوا) * قلت * الأظهر ان الشافعي يريد بذلك محمد بن الحسن وليس هذا الذي ألزمه به مذهبه بل مذهب أبي حنيفة وسائر أصحابه محمد وأبي يوصف وغيرهما انه يجب نزح جميعها الا ان يتعذر كما ورد عن ابن عباس في زمزم *
(٢٦٨)