خير منها وأما الذين يرجع إلى الدنيا فعصمة النفس والمال لقوله عليه الصلاة والسلام أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا منى دماءهم وأموالهم الا بحقها الا أن عصمة النفس تثبت مقصودة وعصمة المال تثبت تابعة لعصمة النفس إذ النفس أصل في التخلق والمال خلق بذله للنفس استبقاء لها فمتى ثبتت عصمة النفس ثبتت عصمة المال تبعا الا إذا وجد القاطع للتبعية على ما نذكر فعلى هذا إذا أسلم أهل بلدة من أهل دار الحرب قبل أن يظهر عليهم المسلمون حرم قتلهم ولا سبيل لاحد على أموالهم على ما قلنا وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أسلم على مال فهو له ولو أسلم حربي في دار الحرب ولم يهاجر الينا فقتله مسلم عمدا أو خطأ فلا شئ عليه الا الكفارة وعند أبي يوسف عليه الدية في الخطأ وعند الشافعي رحمة الله عليه الدية مع الكفارة في الخطأ والقصاص في العمد واحتجاجا بالعمومات الواردة في باب القصاص والدية من غير فصل بين مؤمن قتل في دار الاسلام أو في دار الحرب (ولنا) قوله تبارك وتعالى فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة أوجب سبحانه وتعالى الكفارة وجعلها كل موجب قتل المؤمن الذي هو من قوم عدو لنا لأنه جعله جزاء والجزاء ينبئ عن الكفاية فاقتضى وقوع الكفاية بها عما سواها من القصاص والدية جميعا ولان القصاص لم يشرع الا لحكمة الحياة قال الله تعالى ولكم في القصاص حياة والحاجة إلى الاحياء عند قصد القتل لعداوة حاملة عليه ولا يكون ذلك الا عند المخالطة ولو لم توجد ههنا وعلى هذا إذا أسلم ولم يهاجر الينا حتى ظهر المسلمون على الدار فما كان في يده من المقتول فهو له ولا يكون فيأ الا عبدا يقاتل فإنه يكون فيأ لان نفسه استفادت العصمة بالاسلام وماله الذي في يده تابع له من كل وجه فكان معصوما تبعا لعصمة النفس الا عبدا يقاتل لأنه إذا قاتل فقد خرج من يد المولى فلم يبق تبعا له فانقطعت العصمة لانقطاع التبعية فيكون محلا للتملك بالاستيلاء وكذلك ما كان في يد مسلم أو ذمي وديعة له فهو له ولا يكون فيأ لان يدع المودع يده من وجه من حيث إنه يحفظ الوديعة له ويد نفسه من حيث الحقيقة وكل واحد منهما معصوم فكان ما في يده معصوما فلا يكون محلا للتملك وأما ما كان في يد حربي وديعة فيكون فيأ عند أبي حنيفة وعندهما يكون له لان يد المودع يده فكان معصوما والصحيح قول أبي حنيفة رحمه الله لأنه من حيث إنه يحفظ له تكون يده فيكون تبعا له فيكون معصوما ومن حيث الحقيقة لا يكون معصوما لان نفس الحربي غير معصومة فوقع الشك في العصمة فلا تثبت العصمة وكذا عقاره يكون فيأ عند أبي حنيفة وأبى يوسف وعند محمد هو والمنقول سواء والصحيح قولهما لأنه من حيث إنه يتصرف فيه بحسب مشيئته يكون في يده فيكون تبعا له من حيث إنه محصن محفوظ بنفسه ليس في يده فلا يكون تبعا له فلا تثبت العصمة مع الشك وأما أولاده الصغار فأحرار مسلمون تبعا له وأولاده الكبار وامرأته يكونون فيأ لأنهم في حكم أنفسهم لانعدام التبعية وأما الولد الذي في البطن فهو مسلم تبعا لأبيه ورقيق تبعا لامه وفيه اشكال وهو ان هذا انشاء الرق على المسلم وانه ممنوع والجواب ان الممتنع انشاء الرق على من هو مسلم حقيقة لا على من له حكم الوجود والاسلام شرعا هذا إذا أسلم ولم يهاجر الينا فظهر المسلمون على الدار فلو أسلم وهاجر الينا ثم ظهر المسلمون على الدار اما أمواله فما كان في يد مسلم أو ذمي وديعة فهو له ولا يكون فيأ لما ذكرنا وما سوى ذلك فهو فئ لما ذكرنا أيضا وقيل ما كان في يد حربي وديعة فهو على الخلاف الذي ذكرنا وأما أولاده الصغار فيحكم باسلامهم تبعا لأبيهم ولا يسترقون لان الاسلام يمنع انشاء الرق الا رقا ثبت حكما بأن كان الولد في بطن الام وأولاده الكبار فئ لأنهم في حكم أنفسهم فلا يكونون مسلمين باسلام أبيهم وكذلك زوجته والولد الذي في البطن يكون مسلما تبعا لأبيه ورقيقا تبعا لامه ولو دخل الحربي دار الاسلام ثم أسلم ثم ظهر المسلمون على الدار فجميع ماله وأولاده الصغار والكبار وامرأته وما في بطنها فئ لما لم يسلم في دار الحرب حتى خرج الينا لم تثبت العصمة لماله لانعدام عصمة النفس فبعد ذلك وان صارت معصومة لكن بعد تباين الدارين وانه يمنع ثبوت التبعية ولو دخل مسلم أو ذمي دار الحرب فأصاب هناك مالا ثم ظهر المسلمون على الدار فحكمه وحكم الذي
(١٠٥)