في العقد أو لم يكن عندنا وعند الشافعي إن كان مفروضا لا يجب بنفس العقد وإنما يجب بالفرض أو بالدخول على ما ذكرنا فيما تقدم وفى النكاح الفاسد يجب المهر لكن لا بنفس العقد بل بواسطة الدخول لعدم حدوث الملك قبل الدخول أصلا وعدم حدوثه بعد الدخول مطلقا ولانعدام المعاوضة قبل الدخول رأسا وانعدامها بعد الدخول مطلقا لما نذكره إن شاء الله تعالى في موضعه ويجب عقيب العقد بلا فصل لما ذكرنا انه يجب باحداث الملك والملك يحدث عقيب العقد بلا فصل ولان المعاوضة المطلقة تقتضي ثبوت الملك في العوضين في وقت واحد وقد ثبت الملك في أحد العوضين وهو البضع عقيب العقد فيثبت في العوض الآخر عقيبه تحقيقا للمعاوضة المطلقة الا أنه يجب بنفس العقد وجوبا موسعا وإنما يتضيق عند المطالبة كالثمن في باب البيع انه يجب بنفس البيع وجوبا موسعا وإنما يتضيق عند مطالبة البائع وإذا طالبت المرأة بالمهر يجب على الزوج تسليمه أولا لان حق الزوج في المرأة متعين وحق المرأة في المهر لم يتعين بالعقد وإنما يتعين بالقبض فوجب على الزوج التسليم عند المطالبة ليتعين كما في البيع أن المشترى يسلم الثمن أولا ثم يسلم البائع المبيع الا أن الثمن في باب البيع إذا كان دينا يقدم تسليمه على تسليم المبيع ليتعين وإن كان عينا يسلمان معا وههنا يقدم تسليم المهر على كل حال سواء كان دينا أو عينا لان القبض والتسلم ههنا معا متعذر ولا تعذر في البيع وإذا ثبت هذا فنقول للمرأة قبل دخول الزوج بها ان تمنع الزوج عن الدخول حتى يعطيها جميع المهر ثم تسلم نفسها إلى زوجها وإن كانت قد انتقلت إلى بيت زوجها لما ذكرنا ان بذلك يتعين حقها فيكون تسليما بتسليم ولان المهر عوض عن بضعها كالثمن عوض عن المبيع وللبائع حق حبس المبيع لاستيفاء الثمن فكان للمرأة حق حبس نفسها لاستيفاء المهر وليس للزوج منعها عن السفر والخروج من منزله وزيارة أهلها قبل ايفاء المهر لان حق الحبس إنما يثبت لاستيفاء المستحق فإذا لم يجب عليها تسليم النفس قبل ايفاء المهر لم يثبت للزوج حق الاستيفاء فلا يثبت له حق الحبس وإذا أوفاها المهر فله أن يمنعها من ذلك كله الا من سفر الحج إذا كان عليها حجة الاسلام ووجدت محرما وله أن يدخل بها لأنه إذا أوفاها حقها يثبت له حق الحبس لاستيفاء المعقود عليه فان أعطاها المهر الا درهما واحدا فلها أن تمنع نفسها وان تخرج من مصرها حتى تقبضه لان حق الحبس لا يتجزأ فلا يبطل الا بتسليم كل البدل كما في لبيع ولو خرجت لم يكن للزوج ان يسترد منها ما قبضت لأنها قبضته بحق لكون المقبوض حقا لها والمقبوض بحق لا يحتمل النقض هذا إذا كان المهر معجلا بأن تزوجها على صداق عاجل أو كان مسكوتا عن التعجيل والتأجيل لان حكم المسكوت حكم المعجل لان هذا عقد معاوضة فيقتضى المساواة من الجانبين والمرأة عينت حق الزوج فيجب أن يعين الزوج حقها وإنما يتعين بالتسليم فأما إذا كان مؤجلا بأن تزوجها على مهر آجل فإن لم يذكر الوقت لشئ من المهر أصلا بأن قال تزوجتك على ألف مؤجلة أو ذكر وقتا مجهولا جهالة متفاحشة بأن قال تزوجتك على ألف إلى وقت الميسرة أو هبوب الرياح أو إلى أن تمطر السماء فكذلك لان التأجيل لم يصح لتفاحش الجهالة فلم يثبت الأجل ولو قال نصفه معجل ونصفه مؤجل كما جرت العادة في ديارنا ولم يذكر الوقت للمؤجل اختلف المشايخ فيه قال بعضهم لا يجوز الأجل ويجب حالا كما إذا قال تزوجتك على ألف مؤجلة وقال بعضهم يجوز ويقع ذلك على وقت وقوع الفرقة بالطلاق أو الموت وروى عن أبي يوسف ما يؤيد هذا القول وهو أن رجلا كفل لامرأة عن زوجها نفقة كل شهر ذكر في كتاب النكاح انه يلزمه نفقة شهر واحد في الاستحسان وذكر عن أبي يوسف انه يلزمه نفقة كل شهر ما دام النكاح قائما بينهما فكذلك ههنا وان ذكر وقتا معلوما للمهر فليس لها أن تمنع نفسها في قول أبي حنيفة ومحمد وقال أبو يوسف أخيرا لها أن تمنع نفسها سواء كانت المدة قصيرة أو طويلة بعد إن كانت معلومة أو مجهولة جهالة متقاربة كجهالة الحصاد والدياس (وجه) قول أبى يوسف ان من حكم المهر أن يتقدم تسليمه على تسليم النفس بكل حال ألا ترى
(٢٨٨)