يتصور منه السحق والايلاد بهذا الطريق ألا ترى لو جاءت امرأته بولد يثبت النسب منه بالاجماع واستحقت كمال المهر ان طلقها وان لم يوجد منه الوطئ المطلق فيتصور في حقه ارتفاع المانع من وطئ مثله فتصح خلوته وعليها العدة اما عنده فلا يشكل لان الخلوة إذا صحت أقيمت مقام الوطئ في حق تأكد المهر ففي حق العدة أولى لأنه يحتاط في ايجابها وأما عندهما فقد ذكر الكرخي ان عليها العدة عندهما أيضا وقال أبو يوسف إن كان المجبوب ينزل فعليها العدة لان المجبوب قد يقذف بالماء فيصل إلى الرحم ويثبت نسب ولده فتجب العدة احتياطا فان جاءت بولد ما بينها وبين سنتين لزمه ووجب لها جميع الصداق لان الحكم بثبات النسب يكون حكما بالدخول فيتأكد المهر على قولهما أيضا وإن كان لا ينزل فلا عدة عليها فان جاءت بولد لأقل ستة أشهر ثبت نسبه والا فلا يثبت كالمطلقة قبل الدخول وكالمعتدة إذا أقرت بانقضاء العدة وأما المانع الشرعي فهو أن يكون أحدهما صائما صوم رمضان أو محرما بحجة فيضة أو نفل أو بعمرة أو تكون المرأة حائضا أو نفساء لان كل ذلك محرم للوطئ فكان مانعا من الوطئ شرعا والحيض والنفاس يمنعان منه طبعا أيضا لأنهما اذى والطبع السليم ينفر عن استعمال الأذى وأما في غير صوم رمضان فقد روى بشر عن أبي يوسف ان صوم التطوع وقضاء رمضان والكفارات والنذور لا يمنع صحة الخلوة وذكر الحاكم الجليل في مختصره ان نفل الصوم كفرضه فصار في المسألة روايتان (وجه) رواية المختصر ان صوم التطوع يحرم الفطر من غير عذر فصار كحج التطوع وذا يمنع صحة الخلوة كذا هذا (وجه) رواية بشر ان صوم غير رمضان مضمون بالقضاء لا غير فلم يكن قويا في معنى المنع بخلاف صوم رمضان فإنه يجب فيه القضاء والكفارة وكذا حج التطوع فقوى المانع (ووجه) آخر من الفرق بين صوم التطوع وبين صوم رمضان ان تحريم الفطر في صوم التطوع من غير عذر غير مقطوع به لكونه محل الاجتهاد وكذا لزوم القضاء بالافطار فلم يكن مانعا بيقين وحرمة الافطار في صوم رمضان من غير عذر مقطوع بها وكذا لزوم القضاء فكان مانعا بيقين (وأما) المانع الطبعي فهو أن يكون معهما ثالث لان الانسان يكره أن يجامع امرأته بحضرة ثالث ويستحي فينقبض عن الوطئ بمشهد منه وسواء كان الثالث بصيرا أو أعمى يقظانا أو نائما بالغا أو صبيا بعد أن كان عاقلا رجلا أو امرأة أجنبية أو منكوحته لان الأعمى إن كان لا يبصر فيحس والنائم يحتمل أن يستيقظ ساعة فساعة فينقبض الانسان عن الوطئ مع حضوره والصبي العاقل بمنزلة الرجل يحتشم الانسان منه كما يحتشم من الرجل وإذا لم يكن عاقلا فهو ملحق بالبهائم لا يمتنع الانسان عن الوطئ لمكانه ولا يلتفت إليه والانسان يحتشم من المرأة الأجنبية ويستحي وكذا لا يحل لها النظر إليهما فينقبضان لمكانها وإذا كان هناك منكوحة له أخرى أو تزوج امرأتين فخلا بهما فلا يحل لها النظر إليهما فينقبض عنها وقد قالوا إنه لا يحل لرجل أن يجامع امرأته بمشهد امرأة أخرى ولو كان الثالث جارية له فقد روى أن محمدا كأن يقول أولا تصح خلوته ثم رجع وقال لا تصح (وجه) قوله الأول ان الأمة ليست لها حرمة الحرة فلا يحتشم المولى منها ولذا يجوز لها النظر إليه فلا تمنعه عن الوطئ (وجه) قوله الأخير ان الأمة إن كان يجوز لها النظر إليه لا يجوز لها النطر إليها فتنقبض المرأة لذلك وكذا قالوا لا يحل له الوطئ بمشهد منها كما لا يحل بمشهد امرأته الأخرى ولا خلوة في المسجد والطريق والصحراء وعلى سطح لا حجاب عليه لان المسجد يجمع الناس للصلاة ولا يؤمن من الدخول عليه ساعة فساعة وكذا الوطئ في المسجد حرام قال الله عز وجل ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد والطريق ممر الناس لا تخلو عنهم عادة وذلك يوجب الانقباض فيمنع الوطئ وكذا الصحراء والسطح من غير حجاب لان الانسان ينقبض عن الوطئ في مثله لاحتمال ان يحصل هناك ثالث أو ينظر إليه أحد معلوم ذلك بالعادة ولو خلا بها في حجلة أو قبة فأرخى الستر عليه فهو خلوة صحيحة لان ذلك في معنى البيت ولا خلوة في النكاح الفاسد لان الوطئ فيه حرام فكان المانع الشرعي قائما ولان الخلوة مما يتأكد به المهر وتأكده بعد وجوبه يكون ولا يجب بالنكاح الفاسد شئ فلا يتصور التأكد والله عز وجل أعلم ثم في كل موضع صحت الخلوة وتأكد المهر وجبت العدة
(٢٩٣)