بلا عوض فيتضرر به الاجر فأقيم التمكن من الانتفاع مقام استيفاء المنفعة دفعا للضرر عن الآجر وههنا لا ضرر في التوقف على ما بينا فتوقف التأكد على حقيقة الاستيفاء ولم يوجد فلا يتأكد ولنا قوله عز وجل وان أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا واثما مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض نهى سبحانه وتعالى الزوج عن أخذ شئ مما ساق إليها من المهر عند الطلاق وأبان عن معنى النهى لوجود الخلوة كذا قال القراء ان الافضاء هو الخلوة دخل بها أو لم يدخل ومأخذ اللفظ دليل على أن المراد منه الخلوة الصحيحة لان الافضاء مأخوذ من الفضاء من الأرض وهو الموضع الذي لا نبات فيه ولا بناء فيه ولا حاجز يمنع عن ادراك ما فيه فكان المراد منه الخلوة على هذا الوجه وهي التي لا حائل فيها ولا مانع من الاستمتاع عملا بمقتضى اللفظ فظاهر النص يقتضى أن لا يسقط شئ منه بالطلاق الا أن سقوط النصف بالطلاق قبل الدخول وقبل الخلوة في نكاح فيه تسمية وإقامة المتعة مقام نصف مهر المثل في نكاح لا تسمية فيه ثبت بدليل آخر فبقي حال ما بعد الخلوة على ظاهر النص وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كشف خمار امرأته ونظر إليها وجب الصداق دخل بها أو لم يدخل وهذا نص في الباب وروى عن زرارة بن أبي أوفى أنه قال قضى الخلفاء الراشدون المهديون انه إذا أرخى الستور وأغلق الباب فلها الصداق كاملا وعليها العدة دخل بها أو لم يدخل بها وحكى الطحاوي في هذه المسألة اجماع الصحابة من الخلفاء الراشدين وغيرهم ولان المهر قد وجب بنفس العقد أما في نكاح فيه تسمية فلا شك فيه واما في نكاح لا تسمية فيه فلما ذكرنا في مسألة المفوضة الا أن الوجوب بنفس العقد ثبت موسعا ويتضيق عند المطالبة والدين المضيق واجب القضاء قال النبي صلى الله عليه وسلم الدين مضيق ولان المهر متى صار ملكا لها بنفس العقد فالملك الثابت لانسان لا يجوز أن يزول الا بإزالة المالك أو بعجزه عن الانتفاع بالمملوك حقيقة اما لمعنى يرجع إلى المالك أو لمعنى يرجع إلى المحل ولم يوجد شئ من ذلك فلا يزول الا عند الطلاق قبل الدخول وقبل الخلوة سقط النصف باسقاط الشرع غير معقول المعنى الا بالطلاق لان الطلاق فعل الزوج والمهر ملكها والانسان لا يملك اسقاط حق الغير عن نفسه ولأنها سلمت المبدل إلى زوجها فيجب على زوجها تسليم البدل إليها كما في البيع والإجارة والدليل على أن ها سلمت المبدل ان المبدل هو ما يستوفى بالوطئ وهو المنافع الا أن المنافع قبل الاستيفاء معدومة فلا يتصور تسليمها لكن لها محل موجود وهو العين وانها متصور التسليم حقيقة فيقام تسليم العين مقام تسليم المنفعة كما في الإجارة وقد وجد تسليم المحل لان التسليم هو جعل الشئ سالما للمسلم إليه وذلك برفع الموانع وقد وجد لان الكلام في الخلوة الصحيحة وهي عبارة عن التمكن من الانتفاع ولا يتحقق التمكن الا بعد ارتفاع الموانع كلها فثبت انه وجد منها تسليم المبدل فيجب على الزوج تسليم البدل لان هذا عقد معاوضة وانه يقتضى تسليما بإزاء التسليم كما يقتضى ملكا بإزاء ملك تحقيقا بحكم المعاوضة كما في البيع والإجارة وأما الآية فقال بعض أهل التأويل ان المراد من المسيس هو الخلوة فلا تكون حجة على أن فيها ايجاب نصف المفروض لا اسقاط النصف الباقي ألا ترى ان من كان في يده عبد فقال نصف هذا العبد لفلان لا يكون ذلك نفيا للنصف الباقي فكان حكم النصف الباقي مسكوتا عنه فبقيت على قيام الدليل وقد قام الدليل على البقاء وهو ما ذكرنا فيبقى وأما قوله التأكد إنما يثبت باستيفاء المستحق فممنوع بل كما يثبت باستيفاء المستحق يثبت بتسليم المستحق كما في الإجارة وتسليمه بتسليم محله وقد حصل ذلك بالخلوة الصحيحة على ما بينا ثم تفسير الخلوة الصحيحة هو أن لا يكون هناك مانع من الوطئ لا حقيقي ولا شرعي ولا طبعي اما المانع الحقيقي فهو أن يكون أحدهما مريضا مرضا يمنع الجماع أو صغيرا لا يجامع مثله أو صغيرا لا يجامع مثلها أو كانت المرأة رتقاء أو قرناء لان الرتق والقرن يمنعان من الوطئ وتصح خلوة الزوج إن كان الزوج عنينا أو خصيا لان العنة والخصاء لا يمنعان من الوطئ فكانت خلوتهما كخلوة غيرهما وتصح خلوة المجبوب في قول أبي حنيفة وقال أبو يوسف ومحمد لا تصح (وجه) قولهما ان الجب يمنع من الوطئ فيمنع صحة الخلوة كالقرن والرتق ولأبي حنيفة انه
(٢٩٢)