ما فاتته إذ ليس لها وقت معين فيأتي بها فيطوف ويسعى كما كان يفعل لو لم يفته الحج وإنما فاته فيفعل ما يفعله فائت الحج وهو ان يتحلل بأفعال العمرة وهي الطواف والسعي كالمقيم فيقطع التلبية إذا أخذ في طواف الحج والمحصر يقطع التلبية إذا ذبح عنه هديه لأنه إذا ذبح هديه فقد تحلل ولا تلبية بعد التحلل فان حلق الحاج قبل إن يرمى جمرة العقبة يقطع التلبية لأنه بالحلق تحلل من الاحرام لما روينا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لمن حلق قبل الرمي ارم ولا حرج فثبت أن التحلل من الاحرام يحصل بالحلق قبل الرمي ولا تلبية بعد التحلل فان زار البيت قبل ان يرمى ويحلق ويذبح قطع التلبية في قول أبي حنيفة وروى عن أبي يوسف انه يلبى ما لم يحلق أو تزول الشمس من يوم النحر وعن محمد ثلاث روايات في رواية مثل قول أبي حنيفة وروى هشام عنه وروى ابن سماعة عنه أن من لم يرم قطع التلبية إذا غربت الشمس من يوم النحر وروى هشام عنه رواية أخرى انه يقطع التلبية إذا مضت أيام النحر فظاهر روايته مع أبي حنيفة وجه قول أبى يوسف انه وان طاف فاحرامه قائم لم يتحلل بهذا الطواف إذا لم يحلق بدليل انه لا يباح له الطيب واللبس فالتحق الطواف بالعدم وصار كأنه لم يطف فلا يقطع التلبية الا إذا زالت الشمس لان من أصله ان هذا الرمي مؤقت بالزوال فإذا زالت الشمس يفوت وقته ويفعل بعده قضاء فصار فواته عن وقته بمنزلة فعله في وقته وعند فعله في وقته يقطع التلبية كذا عند فواته عن وقته بخلاف ما إذا حلق قبل الرمي لأنه تحلل بالحق وخرج عن احرامه حتى يباح له الطيب واللبس لذلك افترقا ولهما أن الطواف وإن كان قبل الرمي والحلق والذبح فقد وقع التحلل به في حق النساء بدليل انه لو جامع بعده لا يلزمه بدنة فكان التحلل بالطواف كالتحلل بالحلق فيقطع التلبية به كما يقطع بالحلق وقد خرج الجواب عن قوله إن احرامه قائم بعد الطواف لأنا نقول نعم لكن في حق الطيب واللبس لا في حق النساء فلم يكن قائما مطلقا والتلبية لم تشرع الا في الاحرام المطلق ولو ذبح قبل الرمي يقطع التلبية في قول أبي حنيفة إذا كان قارنا أو متمتعا وهو احدى الروايتين عن محمد وإن كان مفردا بالحج لا يقطع لان الذبح من القارن والمتمتع محلل كالحلق ولا تلبية بعد التحلل فاما المفرد فتحلله لا يقف على ذبحه الا ترى انه ليس بواجب عليه فلا يقطع عنده التلبية وروى ابن سماعة عن محمد انه لا يقطع التلبية والتحلل لا يقع بالذبح على هذه الرواية عنده وإنما يقع بالرمي أو بالحلق ويرمى سبع حصيات مثل حصى الخزف لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لعبد الله بن عباس رضي الله عنهما ائتني بسبع حصيات مثل حصى الخزف فاتاه بهن فجعل يقلبهن بيده ويقول مثلهن بمثلهن لا تغلوا فإنما هلك من كان قبلكم بالغلو في الدين وقد قالوا لا يزيد على ذلك لما روى عن معاذ رضي الله عنه أنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وعلمنا المناسك وقال ارموا سبع حصيات مثل حصى الخزف ووضع احدى سبابتيه على الأخرى كأنه يخذف ولأنه لو كان أكبر من ذلك فلا يؤمن أن يصيب غيره لازدحام الناس فيتأذى به ويرمى من بطن الوادي ويكبر مع كل حصاة يرميها لما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه رمى جمرة العقبة سبع حصيات من بطن الوادي يكبر مع كل حصاة يرميها فقيل له ان ناسا يرمون من فوقها فقال عبد الله رضي الله عنه هذا والذي لا اله غيره مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة وكذا روى عن ابن عمر رضي الله عنهما انه كان يرمى جمرة العقبة بسبع حصيات يتبع كل حصاة بتكبيرة ويقول إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك وعن ابنه سالم بن عبد الله انه استبطن الوادي فرمى الجمرة سبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر الله أكبر اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وعملا مشكورا وقال حدثني أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمى جمرة العقبة من هذا المكان ويقول كلما رمى بحصاة مثل ما قلت وان رمى من فوق العقبة أجزأه لكن السنة ما ذكرنا وكذا لو جعل بدل التكبير تسبيحا أو تهليلا جاز ولا يكون مسيئا وقد قالوا إذا رمى للعقبة يجعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه ويقوم فيها حيث يرى موقع حصاه لما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه لما انتهى إلى الجمرة الكبرى جعل الكعبة عن يساره ومنى عن يمينه وبأي شئ رمى أجزأه حجرا كان أو طينا أو غيرهما مما هو من جنس الأرض وهذا عندنا
(١٥٧)