أتى بالركن وهو كينونته بمزدلفة بعد طلوع الفجر لكنه يكون مسيئا لتركه السنة وهي البيتوتة بها فإذا طلع الفجر صلى الامام بهم صلاة الفجر بغلس لما روى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها الا صلاة العصر بعرفة وصلاة المغرب بجمع وصلاة الفجر يومئذ فإنه صلاها قبل وقتها بغلس أي صلاها قبل وقتها المستحب بغلس ولان الفائت بالتغليس فضيلة الاسفار وانها ممكن الاستدراك في كل يوم فاما فضيلة الوقوف فلا تستدرك في غير ذلك اليوم فإذا صلى الامام بهم وقف بالناس ووقفوا وراءه أو معه والأفضل أن يكون موقفهم على الجبل الذي يقال له قزح وهو تأويل ابن عباس للمشعر الحرام أنه الجبل وما حوله وعند عامة أهل التأويل المشعر الحرام هو مزدلفة فيقفون إلى أن يسفر جدا يدعون الله تعالى ويكبرون ويهللون ويحمدون الله تعالى ويثنون عليه ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم ويسألون حوائجهم ثم يدفع منها إلى منى قبل طلوع الشمس لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الجاهلية كانت تنفر من هذا المقام والشمس على رؤس الجبال فخالفوهم فأفاض قبل طلوع الشمس وقد كانت الجاهلية تقول بمزدلفة أشرق ثبير كما نغير وهو جبل عال تطلع عليه الشمس قبل كل موضع فخالفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فدفع قبل طلوع الشمس وان دفع بعد طلوع الشمس قبل إن يصلى الناس الفجر فقد أساء ولا شئ عليه أما الإساءة فلان السنة ان يصلى الفجر ويقف ثم يفيض فإذا لم يفعل فقد ترك السنة فيكون مسيئا واما عدم لزوم شئ فلانه وجد منه الركن وهو الوقوف ولو ساعة وإذا أفاض من جمع دفع على هينته لان النبي صلى الله عليه وسلم كذا فعل ويأخذ حصى الجمار من مزدلفة أو من الطريق لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عباس رضي الله عنهما ان يأخذ الحصى من مزدلفة وعليه فعل المسلمين وهو أحد نوعي الاجماع وان رمى بحصاة أخذها من الجمرة أجزأه وقد أساء وقال مالك لا تجزئه لأنها حصى مستعملة ولنا قوله صلى الله عليه وسلم ارم ولا حرج مطلقا وتعليل مالك لا يستقيم على أصله لأن الماء المستعمل عنده طاهر وطهور حتى يجوز الوضوء به فالحجارة المستعملة أولى وإنما كره ذلك عندنا لما روى أنه سئل ابن عباس فقيل له ان من عهد إبراهيم إلى يومنا هذا في الجاهلية والاسلام يرمى الناس وليس ههنا الا هذا القدر فقال كل حصاة تقبل فإنها ترفع وما لا يقبل فإنه يبقى ومثل هذا لا يعرف الا سماعا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكره ان يرمى بحصاة لم تقبل فيأتي منى فيرمى جمرة العقبة سبع حصيات لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى منى لم يعرج على شئ حتى رمى جمرة العقبة سبع حصيات ويقطع التلبية مع أول حصاة يرمى بها جمرة العقبة لما روى أسامة بن زيد والفضل ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمر العقبة وكان أسامة رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفات إلى مزدلفة والفضل كان رديفه من مزدلفة إلى منى وروى أن ابن عباس سئل عن ذلك فقال أخبرني أخي لفضل ان النبي صلى الله عليه وسلم قطع التلبية عند أول حصاة رمى بها جمرة العقبة وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم وسواء كان في الحج الصحيح أو في الحج الفاسد انه يقطع التلبية مع أول حصاة يرمى بها جمرة العقبة لان أعمالها لا تختلف فلا يختلف وقت قطع التلبية وسواء كان مفردا بالحج أو قارنا أو متمتعا لان القارن والمتمتع كل واحد منهما محرم بالحج فكان كالمفرد به ولا يقطع القارن التلبية إذا أخذ في طواف العمرة لأنه محرم باحرام الحج وإنما يقطع عندما يقطع المفرد بالحجة لأنه بعد اتيانه بالعمرة كالمفرد بالحج فما المحرم بالعمرة المفردة فإنه يقطع التلبية إذا استلم الحجر وأخذ في طواف العمرة والفرق بين المحرم بالحج وبين المحرم بالعمرة المفردة ذكرناه فيما تقدم وقال مالك في المفرد بالعمرة يقطع التلبية إذا رأى البيت وهذا غير سديد لان قطع التلبية يتعلق بفعل هو نسك كالرمي في حق المحرم بالحج ورؤية البيت ليس بنسك فلا يقطع عندنا فاما استلام الحجر فنسك كالرمي فيقطع عنده لا عند الرؤية قال محمد ان فائت الحج إذا تحلل بالعمرة يقطع التلبية حين يأخذ في الطواف كذا هذا والقارن إذا فاته الحج يقطع التلبية في الطواف والثاني الذي يتحلل به من حجته لأن العمرة
(١٥٦)