بالحج واصنعي في حجتك ما يصنع الحاج وههنا وجد دليل الارتفاض وهو الوقوف بعرفة لأنه اشتغال بالركن الأصلي للحج فيتضمن ارتفاض العمرة ضرورة لفوات الترتيب في الفعل وهل يرتفض بنفس التوجه إلى عرفات ذكر في الجامع الصغير أنه لا يرتفض وذكر في كتاب المناسك فيه القياس والاستحسان فقال القياس أن يرتفض وفى الاستحسان لا يرتفض عنى به القياس على أصل أبي حنيفة في باب الصلاة فيمن صلى الظهر يوم الجمعة في منزله ثم خرج إلى الجمعة أنه يرتفض ظهره عنده كذا ههنا ينبغي ان ترتفض عمرته بالقياس على ذلك الا انه استحسن وقال لا يرتفض ما لم يقف بعرفات وفرق بين العمرة وبين الصلاة ووجه الفرق له أن السعي إلى الجمعة من ضرورات أداء الجمعة وأداء الجمعة ينافي بقاء الظهر فكذا ما هو من ضروراته إذ الثابت ضرورة شئ ملحق به وههنا التوجه إلى عرفات وإن كان من ضرورات الوقوف بها لكن الوقوف لا ينافي بقاء العمرة صحيحة فان عمرة القارن والمتمتع تبقى صحيحة مع الوقوف بعرفة وإنما الحاجة ههنا إلى مراعاة الترتيب في الافعال فما لم توجد أركان الحج قبل أركان العمرة لا يوجد فوات الترتيب وذلك هو الوقوف بعرفة فاما التوجه فليس بركن فلا يوجب فوات الترتيب في الافعال وإن كان طاف للحج ثم أحرم بالعمرة فالمستحب له أن يرفض عمرته لمخالفته السنة في الفعل إذ السنة هي تقديم أفعال العمرة على أفعال الحج فإذا ترك التقديم فقد تحققت البدعة فيستحب له أن يرفض لكن لا يؤمر بذلك حتما لان المؤدى من أفعال الحج وهو طواف اللقاء ليس بركن ولو مضى عليها أجزأه لأنه اتى بأصل النسك وإنما ترك السنة بترك الترتيب في الفعل وانه يوجب الإساءة دون الفساد وعليه دم القران لأنه قارن لجمعه بين احرام الحجة والعمرة والقران جائز مشروع ولو رفضها يقضيها لأنها لزمته بالشروع فيها وعليه دم لرفضها لان رفض العمرة فسخ للاحرام بها وانه أعظم من ادخال النقص في الاحرام وذا يوجب الدم فهذا أولى والله تعالى أعلم وأما المتمتع في عرف الشرع فهو اسم لآفاقي يحرم بالعمرة ويأتي بافعالها من الطواف والسعي أو يأتي بأكثر ركنها وهو الطواف أربعة أشواط أو أكثر في أشهر الحج ثم يحرم بالحج في أشهر الحج ويحج من عامة ذلك قبل أن يلم بأهله فيما بين ذلك الماما صحيحا فيحصل له النسكان في سفر واحد سواء حل من احرام العمرة بالحلق أو التقصير أو لم يحل إذا كان ساق الهدى لمتعته فإنه لا يجوز التحلل بينهما ويحرم بالحج قبل أن يحل من احرام العمرة وهذا عندنا وقال الشافعي سوق الهدى لا يمنع من التحلل فصار المتمتع نوعين ممتنع لم يسق الهدى ومتمتع ساق الهدى فالذي لم يسق الهدى يجوز له التحلل إذا فرغ من أفعال لعمرة بلا خلاف وإذا تحلل صار حلالا كسائر المتحللين إلى أن يحرم بالحج لأنه إذا تحلل من العمرة فقد خرج منها ولم يبق عليه شئ فيقيم بمكة حلالا أي لا يلم بأهله لان الالمام بالأهل يفسد التمتع وأما الذي ساق الهدى فإنه لا يحل له التحلل الا يوم النحر بعد الفراغ من الحج عندنا وعند الشافعي يحل له التحلل وسوق الهدى لا يمنع من التحلل والصحيح قولنا لما روى عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أمر أصحابه أن يحلقوا الا من كان معه الهدى وفى حديث أسماء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان معه هدى فليقم على احرامه ومن لم يكن معه هدى فليحلق وروى أنه لما أمر أصحابه ان يحلوا قالوا له انك لم تحل فقال إني سقت الهدى فلا أحل من احرامي إلى يوم النحر وقال صلى الله عليه وسلم لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدى وتحللت كما أحلوا فقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ان الذي منعه من الحل سوق الهدى ولان لسوق الهدى أثرا في الاحرام حتى يصير به داخلا في الاحرام فجاز أن يكون له أثر في حال البقاء حتى يمنع من التحلل وسواء كان احرامه للعمرة في أشهر الحج أو قبلها عندنا بعد أن يأتي بأفعال العمرة أو ركنها أو بأكثر الركن في الأشهر أنه يكون متمتعا وعند الشافعي شرط كونه متمتعا الاحرام بالعمرة في الأشهر حتى لو أحرم بها قبل الأشهر لا يكون متمتعا وان أتى بافعالها في الأشهر والكلام فيه بناء على أصل قد ذكرناه فيما تقدم وهو ان الاحرام عنده ركن فكان من أفعال العمرة فلابد من وجود أفعال العمرة في أشهر الحج ولم يوجد بل وجد بعضها في الأشهر وعندنا ليس بركن بل هو شرط فتوجد
(١٦٨)