الأنبياء قبل عشية يوم عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شئ قدير اللهم اجعل في قلبي نورا وفى سمعي نورا وفى بصرى نورا اللهم اشرح لي صدري ويسر لي أمري وأعوذ بك من وسواس الصدور وسيآت الأمور وفتنة الفقر اللهم إني أعوذ بك من شر ما يلج في الليل وشر ما تهب به الرياح وليس عن أصحابنا فيه دعاء مؤقت لان الانسان يدعو بما شاء ولان توقيت الدعاء يذهب بالرقة لأنه يجرى على لسانه من غير قصده فيبعد عن الإجابة ويلبى في موقفه ساعة بعد ساعة ولا يقطع التلبية وهذا قول عامة العلماء وقال مالك إذا وقف بعرفة يقطع التلبية والصحيح قول العامة لما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبى حتى رمى جمرة العقبة وروى عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه لبى عشية يوم عرفة فقيل له ليس هذا موضع التلبية فقال أجهل الناس أم نسوا فوالذي بعث محمدا بالحق لقد حججت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى رمى جمرة العقبة الا أن يخللها أو يخلطها بتكبير وتهليل ولان التلبية ذكر يؤتى به في ابتداء هذه العبادة وتكرر في أثنائها فأشبه التكبير في باب الصلاة وكان ينبغي أن يؤتى به إلى آخر أركان هذه العبادة كالتكبير الا أنا تركنا القياس فيما بعد رمى جمرة العقبة أو ما يقوم مقام الرمي في القطع بالاجماع فبقي الامر فيما قبل ذلك على أصل القياس وسواء كان مفردا بالحج أو قارنا أو متمتعا بخلاف المفرد بالعمرة أنه يقطع التلبية إذا استلم الحجر حين يأخذ في طواف العمرة لان الطواف ركن في العمرة فأشبه طواف الزيارة في الحج وهناك يقطع التلبية قبل الطواف كذا ههنا والأفضل أن يكون في الموقف مستقبل القبلة لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال خير المجالس ما استقبل به القبلة وروى عن جابر رضي الله عنه أنه قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فاستقبل به القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس فان انحرف قليلا لم يضره لان الوقوف ليس بصلاة وكذا لو وقف وهو محدث أو جنب لم يضره لما مر أن الوقوف عبادة لا يتعلق بالبيت فلا يشترط له الطهارة كرمي الجمار والأفضل للامام أن يقف على راحلته لان النبي صلى الله عليه وسلم وقف راكبا وكلما قرب في وقوفه من الامام فهو أفضل لان الامام يعلم الناس ويدعو فكلما كان أقرب كان أمكن من السماع وعرفات كلها موقف الا بطن عرنة فإنه يكره الوقوف فيه لما ذكرنا في بيان مكان الوقوف فيقف إلى غروب الشمس فإذا غربت الشمس دفع الامام والناس معه ولا يدفع أحد قبل غروب الشمس لا الامام ولا غيره لما مر أن الوقوف إلى غروب الشمس واجب وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خطب عشية عرفة فقال أما بعد فان هذا يوم الحج الأكبر وان الجاهلية كانت تدفع من ههنا والشمس على رؤس الجبال مثل العمائم على رؤس الرجال فخالفوهم وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالدفع منه بعد الغروب فان خاف بعض القوم الزحام أو كانت به علة فيقدم قبل الامام قليلا ولم يجاوز حد عرفة فلا بأس به لأنه إذا لم يجاوز حد عرفة فهو في مكان الوقوف وقد دفع الضرر عن نفسه وان ثبت على مكانه حتى يدفع الامام فهو أفضل لقوله تعالي ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس وينبغي للناس أن يدفعوا وعليهم السكينة والوقار حتى يأتوا مزدلفة لما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفة وعليه السكينة حتى روى أنه كان يكبح ناقته وروى أنه لما دفع من عرفات فقال أيها الناس ان البر ليس في ايجاف الخيل ولا في ابضاع الإبل بل على هينتكم ولان هذا مشى إلى الصلاة لأنهم يأتون مزدلفة ليصلوا بها المغرب والعشاء وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون ولا تأتوها وأنتم تسعون وعليكم السكينة والوقار فان أبطأ الامام بالدفع وتبين للناس الليل دفعوا قبل الامام لأنه إذا تبين الليل فقد جاء أو ان الدفع والامام بالتأخير ترك السنة فلا ينبغي لهم أن يتركوها وإذا أتى مزدلفة ينزل حيث شاء عن يمين الطريق أو عن يساره ولا ينزل على قارعة الطريق ولا في وادى محسر لقول النبي صلى الله عليه وسلم مزدلفة كلها موقف الا وادى محسر وإنما لا ينزل على الطريق لأنه يمنع الناس عن الجواز فيتأذون به فإذا دخل وقت العشاء يؤذن المؤذن ويقيم فيصلى الامام بهم صلاة المغرب في وقت صلاة العشاء ثم يصلى بهم صلاة العشاء بأذان واحد وإقامة واحدة في قول أصحابنا الثلاثة وقال زفر باذان واحد وإقامتين وقال الشافعي
(١٥٤)