الحسن والحسين رضى الله تعالى عنهما دخلاها ليلا وما روى عن عمر رضى الله تعالى عنه أنه نهى عن دخول مكة ليلا فهو محمول على نهى الشفقة مخافة السرقة كذا أوله إبراهيم النخعي ولأنه إذا دخل ليلا لا يعرف موضع النزول فلا يدرى أين ينزل وربما نزل في غير موضع النزول فيتأذى به ويدخل المسجد الحرام والأفضل أن يدخل من باب بنى شيبة ويقول اللهم افتح لي أبواب رحمتك وأعذني من الشيطان الرجيم وإذا وقع نظره على البيت يقول ويخفى سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر اللهم هذا بيتك عظمته وشرفته وكرمته فزده تعظيما وتشريفا وتكريما ويبدأ بالحجر الأسود فإذا استقبله كبر ورفع يديه كما يرفعهما في الصلاة لكن حذو منكبيه لما روى عن مكحول أن النبي صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد بدأ بالحجر الأسود فاستقبله وكبر وهلل وروينا عن النبي صلى الله عليه وسلم في كتاب الصلاة أنه قال لا ترفع الأيدي الا في سبع مواطن وذكر من جملتها عند استلام الحجر الأسود ثم يرسلهما ويستلم الحجر ان أمكنه ذلك من غير أن يؤذى أحدا والأفضل أن يقبله لما روى أن عمر رضى الله تعالى عنه التزمه وقبله وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا وروى أنه قال والله انى لاعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أنى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك وفى رواية أخرى قال لولا انى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمك ما استلمتك ثم استلمه وعن ابن عمر رضى الله تعالى عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبل الحجر فاستلمه ثم وضع شفتيه عليه فبكى طويلا ثم التفت فإذا هو بعمر يبكى فقال له ما يبكيك فقال يا رسول الله رأيتك تبكى فبكيت لبكائك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ههنا تسكب العبرات وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن ثم يرده إلى فيه وعن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليبعثن الحجر يوم القيامة وله عينان يبصر بهما وأذنان يسمع بهما ولسان ينطق به فيشهد لمن استلمه بالحق وروى أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يستلمون الحجر ثم يقبلونه فيلتزمه ويقبله ان أمكنه ذلك من غير أن يؤذى أحدا لما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لعمر يا أبا حفص انك رجل قوى وانك تؤذي الضعيف فإذا وجدت مسلكا فاستلم والا فدع وكبر وهلل ولان الاستلام سنة وايذاء المسلم حرام وترك الحرام أولى من الاتيان بالسنة وإذا لم يمكنه ذلك من غير أن يؤذى استقبله وكبر وهلل وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلى عليه في الصلاة ولم يذكر عن أصحابنا فيه دعاء بعينه لان الدعوات لا تحصى وعن مجاهد أنه كأن يقول إذا أتيت الركن فقل اللهم إني أسألك إجابة دعوتك وابتغاء رضوانك واتباع سنة نبيك وعن عطا رضى الله تعالى عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بالحجر الأسود قال أعوذ برب هذا الحجر من الدين والفقر وضيق الصدر وعذاب القبر ولا يقطع التلبية عند استلام الحجر ويقطعها في العمرة لما نذكر إن شاء الله ثم يفتتح الطواف وهذا الطواف يسمى طواف اللقاء وطواف التحية وطواف أول عهد بالبيت وانه سنة عند عامة العلماء وقال مالك انه فرض واحتج بظاهر قوله عز وجل وليطوفوا بالبيت العتيق أمر بالطواف بالبيت فدل على الوجوب والفرضية ولنا أنه لا يجب على أهل مكة بالاجماع ولو كان ركنا لوجب عليهم لان الأركان لا تختلف بين أهل مكة وغيرهم كطواف الزيارة فلما لم يجب على أهل مكة دل أنه ليس بركن والمراد من الآية طواف الزيارة لاجماع أهل التفسير ولأنه خاطب الكل بالطواف بالبيت وطواف الزيارة هو الذي يجب على الكل فأما طواف اللقاء فإنه لا يجب على أهل مكة دل على أن المراد هو طواف الزيارة وكذا سياق الآية دليل عليه لأنه أمرنا بذبح الهدايا بقوله عز وجل ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام وأمر بقضاء التفث وهو الحلق والطواف بالبيت عقيب ذبح الهدى لان كلمة ثم للترتيب مع التعقيب فيقتضى أن يكون الحلق والطواف مرتبين على الذبح والذبح يختص بأيام النحر لا يجوز قبلها فكذا الحلق والطواف وهو طواف الزيارة فأما طواف اللقاء فإنه يكون سابقا على أيام
(١٤٦)