الستة عنده وعندهما يجرى والمسألة تذكر إن شاء الله تعالى في كتاب الدعوى ثم إذا اختلف الحكم في البكر البالغة والثيب البالغة في الجملة حتى جعل السكوت رضا من البكر دون العيب وللأب ولاية قبض صداق البكر بغير اذنها الا إذا نهته نصا وليس له ولاية قبض مهر الثيب الا باذنها فلا بد من معرفة البكارة والثيابة في الحكم لا في الحقيقة لان حقيقة البكارة بقاء العذرة وحقيقة الثيابة زوال العذرة وأما الحكم غير مبنى على ذلك بالاجماع فنقول لا خلاف في أن كل من زالت عذرتها بوثبة أو طفرة أو حيضة أو طول التعنيس أنها في حكم الابكار تزوج كما تزوج الابكار ولا خلاف أيضا ان من زالت عذرتها بوطئ يتعلق به ثبوت النسب وهو الوطئ بعقد جائز أو فاسد أو شبهة عقد وجب لها مهر بذلك الوطئ انها تزوج كما تزوج الثيب (وأما) إذا زالت عذرتها بالزنا فإنها تزوج كما تزوج الابكار في قول أبي حنيفة وعند أبي يوسف ومحمد والشافعي تزوج كما تزوج الثيب احتجوا بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال البكر تستأمر في نفسها والثيب تشاور وقال صلى الله عليه وسلم والثيب يعرب عنها لسانها وهذه ثيب حقيقة لان الثيب حقيقة من زالت عذرتها وهذه كذلك فيجرى عليها أحكام الثيب ومن أحكامها أنه لا يجوز نكاحها بغير اذنها نصا فلا يكتفى بسكوتها ولأبي حنيفة ان علة وضع النطق شرعا وإقامة السكوت مقامه في البكر هو الحياء وقد وجد ودلالة ان العلة ما قلنا إشارة النص والمعقول أما الأول فلما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تستأمر النساء في أبضاعهن فقالت عائشة رضي الله عنها لان البكر تستحيي يا رسول الله فقال صلى الله عليه وسلم اذنها صماتها فالاستدلال به أن قوله صلى الله عليه وسلم اذنها صماتها خرج جوابا لقول عائشة رضي الله عنها ان البكر تستحيي أي عن الاذن بالنكاح نطقا والجواب بمقتضى إعادة السؤال لان الجواب لا يتم بدون السؤال كأنه قال صلى الله عليه وسلم إذا كانت البكر تستحيي عن الاذن بالنكاح نطقا فاذنها صماتها فهذا إشارة إلى أن الحياء علة وضع النطق وقيام الصمات مقام الاذن علة منصوصة وعلة النص لا تتقيد بمحل النص كالطواف في الهرة ونحو ذلك وأما المعقول فهو أن الحياء في البكر مانع من النطق بصريح الاذن بالنكاح لما فيه من اظهار رغبتها في الرجال لان النكاح سبب الوطئ والناس يستقبحون ذلك منها ويذمونها وينسبونها إلى الوقاحة وذلك مانع لها من النطق بالاذن الصريح وهي محتاجة إلى النكاح فلو شرط استنطاقها وهي لا تنطق عادة لفات عليها النكاح مع حاجتها إليه وهذا لا يجوز والحياء موجود في حق هذه وإن كانت ثيبا حقيقة لان زوال بكارتها لم تظهر للناس فيستقبحون منها الاذن بالنكاح صريحا ويعدونه من باب الوقاحة ولا يزول ذلك ما لم يوجد النكاح ويشتهر الزنا فحينئذ لا يستقبح الاظهار بالاذن ولا يعد عيبا بل الامتناع عن الاذن عند استئمار الولي يعد رعونة منها لحصول العلم للناس بظهور رغبتها في الرجال (وأما الحديث) فالمراد منه الثيب التي تعارفها الناس ثيبا لان مطلق الكلام ينصرف إلى المتعارف بين الناس ولهذا لم تدخل البكر التي زالت عذرتها بالطفرة والوثبة والحيضة ونحو ذلك في هذا الحديث وإن كانت ثيبا حقيقة والله أعلم وعلى هذا يخرج انكاح الأب والجد والثيب الصغيرة انه جائز عند أصحابنا وعند الشافعي أنه لا يجوز انكاحها للحال ويتأخر إلى ما بعد البلوغ فيزوجها الولي بعد البلوغ باذنها صريحا لا بالسكوت واحتج بما روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تنكح اليتيمة حتى تستأمر واليتيمة اسم للصغيرة في اللغة ولان الثيابة دليل العلم بمصالح النكاح ولان حدوثها يكون بعد العقل والتمييز عادة وقد حصل لها بالتجربة والممارسة وهذا ان لم يصلح لاثبات الولاية لها يصلح دافعا ولاية الولي عنها للحال والتأخير إلى ما بعد البلوغ بخلاف البكر البالغة لان البكارة دليل الجهل بمنافع النكاح ومضاره فالتحق عقلها بالعدم على ما مر ولان النكاح في جانب النساء ضرر قطعا لما نذكر إن شاء الله تعالى فلا مصلحة الا عند الحاجة إلى قضاء الشهوة لان مصالح النكاح
(٢٤٤)