الكافر ليست بحجة في حق المسلم فكانت شهادته في حق ملحقة بالعدم فلم يوجد الاشهاد في جانب الزوج فصار كأنهما سمعا كلام المرأة دون كلام الرجل ولو كان كذلك لم يكن النكاح كذا هذا ولهما عمومات النكاح من الكتاب والسنة نحو قوله تعالى فانحكوا ما طاب لكم من النساء وقوله وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم وقول النبي صلى الله عليه وسلم تزوجوا ولا تطلقوا وقوله صلى الله عليه وسلم تناكحوا وغير ذلك مطلقا عن غير شرط الا أن أهل الشهادة واسلام الشاهد صار شرطا في نكاح الزوجين المسلمين بالاجماع فمن ادعى كونه شرطا في نكاح المسلم الذمية فعليه الدليل وروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نكاح الا بشهود وروى لا نكاح الا بشاهدين والاستثناء من النفي اثبات ظاهر وهذا نكاح بشهود لان الشهادة في اللغة عبارة عن الاعلام والبيان والكافر من أهل الاعلام والبيان لان ذلك يقف على العقل واللسان والعلم بالمشهود به وقد وجد الا أن شهادته على المسلم خصت من عموم الحديث فبقيت شهادته للمسلم داخلة تحته ولان الشهادة من باب الولاية لما بينا والكافر الشاهد يصلح وليا في هذا العقد بولاية نفسه ويصلح قابلا لهذا العقد بنفسه فيه صلح شاهدا وكذا يجوز للقاضي الحكم بشهادته هذه للمسلم لأنه محل الاجتهاد على ما نذكر ولو قضى لا ينفذ قضاؤه فينفذ النكاح بحضوره وأما الحديث فقد قيل إنه ضعيف ولئن ثبت فنحمله على نفى الندب والاستحباب توفيقا بين الدلائل وأما قوله العقد خلا عن الاشهاد في جانب الزوج لان شهادة الكافر ليست بحجة في حق المسلم فنقول شهادة الكافر ان لم تصلح حجة للكافر على المسلم فتصلح حجة للمسلم على الكافر لأنها إنما لا تصلح حجة على المسلم لأنها من باب الولاية وفى جعلها حجة على المسلم اثبات الولاية للكافر على المسلم وهذا لا يجوز وهذا المعنى لم يوجد ههنا لأنا إذا جعلناها حجة للمسلم ما كان فيه اثبات الولاية للكافر وهذا جائز على أنا ان سلمنا قوله ليس بحجة في حق المسلم لكن حضوره على أن قوله حجة ليس بشرط لانعقاد النكاح فإنه ينعقد بحضور من لا تقبل شهادته عليه على ما نذكر إن شاء الله تعالى وهل يظهر نكاح المسلم الذمية بشهادة ذميين عند الدعوى ينظر في ذلك إن كانت المرأة هي المدعية للنكاح على المسلم والمسلم منكر لا يظهر بالاجماع لأن هذه شهادة الكافر على المسلم وانها غير مقبولة وإن كان الزوج هو المدعى والمرأة منكرة فعلى أصل أبي حنيفة وأبى يوسف يظهر سواء قال الشاهد إن كان معنا عند العقد رجلان مسلمان أو لم يقولا ذلك واختلف المشايخ على أصل محمد قال بعضهم يظهر كما قالا وقال بعضهم لا يظهر سواء قالا كان معنا رجلان مسلمان أو لم يقولا ذلك وهو الصحيح من مذهبه ووجهه ان هذه شهادة قامت على نكاح فاسد وعلى اثبات فعل المسلم لأنهما ان شهدا على نكاح حضراه فقط لا تقبل شهادتهما لأن هذه شهادة على نكاح فاسد عنده وان شهدا على أنهما حضراه ومعهما رجلان مسلمان لا تقبل أيضا لأن هذه إن كانت شهادة الكافر على الكافر لكن فيها اثبات فعل المسلم فيكون شهادة على مسلم فلا تقبل كمسلم ادعى عبدا في يد ذمي فجحد الذمي دعوى المسلم وزعم أن العبد عبده فأقام المسلم شاهدين ذميين على أن العبد عبده وقضى له به على هذا الذمي قاض فلا تقبل شهادتهما وإن كان هذا شهادة الكافر على الكافر لكن لما كان فيها اثبات فعل المسلم بشهادة الكافر وهو قضاء القاضي لم تقبل كذا هذا (وجه) الكلام لأبي حنيفة وأبى يوسف على نحو ما ذكرنا في جانب الاعتقاد أن الشهادة من باب الولاية وللكافر ولاية على الكافر ولو كان الشاهدان وقت التحمل كافرين ووقت الأداء مسلمين فشهدا للزوج فعلى أصلهما لا يشكل انه تقبل شهادتهما لأنهما لو كانا في الوقتين جميعا كافرين تقبل فههنا أولى واختلف المشايخ على أصل محمد قال بعضهم تقبل وقال بعضهم لا تقبل فمن قال تقبل نظر إلى وقت الأداء ومن قال لا تقبل نظر إلى وقت التحمل
(٢٥٤)