غيره عنه لان المال من شرائط الوجوب فإذا لم يكن له مال لا يجب عليه أصلا فلا ينوب عنه غيره في أداء الواجب ولا واجب ومنها العجز المستدام من وقت الاحجاج إلى وقت الموت فان زال قبل الموت لم يجز حج غيره عنه لأن جواز حج الغير عن الغير ثبت بخلاف القياس لضرورة العجز الذي لا يرجى زواله فيتقيد الجواز به وعلى هذا يخرج المريض أو المحبوس إذا أحج عنه ان جوازه موقوف ان مات وهو مريض أو محبوس جاز وان زال المرض أو الحبس قبل الموت لم يجز والاحجاج من الزمن والأعمى على أصل أبي حنيفة جائز لان الزمانة والعمى لا يرجى زوالهما عادة فوجد الشرط وهو العجز المستدام إلى وقت الموت ومنها الامر بالحج فلا يجوز حج الغير عنه بغير أمره لان جوازه بطريق النيابة عنه والنيابة لا تثبت الا بالامر الا الوارث يحج عن مورثه بغير أمره فإنه يجوز إن شاء الله تعالى بالنص ولوجود الامر هناك دلالة على ما نذكر إن شاء الله تعالى ومنها نية المحجوج عنه عند الاحرام لان النائب يحج عنه لا عن نفسه فلابد من نيته والأفضل أن يقول بلسانه لبيك عن فلان كما إذا حج عن نفسه ومنها أن يكون حج المأمور بمال المحجوج عنه فان تطوع الحاج عنه بمال نفسه لم يجز عنه حتى يحج بماله وكذا إذا كان أوصى أن يحج عنه بماله ومات فتطوع عنه وارثه بمال نفسه لان الفرض تعلق بماله فإذا لم يحج بماله لم يسقط عنه الفرض ولان مذهب محمد ان نفس الحج يقع للحاج وإنما للمحجوج عنه ثواب النفقة فإذا لم ينفق من ماله فلا شئ له رأسا ومنها الحج راكبا حتى لو أمره بالحج فحج ماشيا يضمن النفقة ويحج عنه راكبا لأن المفروض عليه هو الحج راكبا فينصرف مطلق الامر بالحج إليه فإذا حج ماشيا فقد خالف فيضمن وسواء كان الحاج قد حج عن نفسه أو كان صرورة انه يجوز في الحالين جميعا الا انه الأفضل أن يكون قد حج عن نفسه وقال الشافعي لا يجوز حج الصرورة عن غيره ويقع حجه عن نفسه ويضمن النفقة واحتج بما روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يلبى عن شبرمة فقال له صلى الله عليه وسلم ومن شبرمة فقال أخ لي أو صديق لي فقال صلى الله عليه وسلم أحججت عن نفسك فقال لا فقال صلى الله عليه وسلم حج عن نفسك ثم عن شبرمة فالاستدلال به من وجهين أحدهما انه سأله عن حجه عن نفسه ولولا أن الحكم يختلف لم يكن لسؤاله معنى والثاني انه أمره بالحج عن نفسه أولا ثم عن شبرمة فدل انه لا يجوز الحج عن غيره قبل أن يحج عن نفسه ولان حجه عن نفسه فرض عليه وحجه عن غيره ليس بفرض فلا يجوز ترك الفرض بما ليس بفرض ولنا حديث الخثعمية ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها حجى عن أبيك ولم يستفسر انها كانت حجت عن نفسها أو كانت صرورة ولو كان الحكم يختلف لاستفسر ولان الأداء عن نفسه لم يجب في وقت معين فالوقت كما يصلح لحجه عن نفسه يصلح لحجه عن غيره فإذا عينه لحجه عن غيره وقع عنه ولهذا قال أصحابنا ان الصرورة إذا حج بنية النفل انه يقع عن النفل لان الوقت لم يتعين للفرض بل يقبل الفرض والنفل فإذا عينه للنفل تعين له الا ان عند اطلاق النية يقع عن الفرض لوجود نية الفرض بدلالة حاله إذ الظاهر أنه لا يقصد النفل وعليه الفرض فانصرف المطلق إلى المقيد بدلالة حاله لكن الدلالة إنما تعتبر عند عدم النص بخلافها فإذا نوى التطوع فقد وجد النص بخلافها فلا تعتبر الدلالة الا أن الأفضل أن يكون قد حج عن نفسه لأنه بالحج عن غيره يصير تاركا اسقاط الفرض عن نفسه فيتمكن في هذا الاحجاج ضرب كراهة ولأنه إذا كان حج مرة كان أعرف بالمناسك وكذا هو أبعد عن محل الخلاف فكان أفضل والحديث محمول على الأفضلية توفيقا بين الدلائل وسواء كان رجلا أو امرأة الا انه يكره احجاج المرأة لكنه يجوز أما الجواز فلحديث الخثعمية وأما الكراهة فلانه يدخل في حجها ضرب نقصان لأن المرأة لا تستوفى سنن الحج فإنها لا ترمل في الطواف وفى السعي بين الصفا والمروة ولا تحلق وسواء كان حرا أو عبدا بإذن المولى لكنه يكره حجاج العبد أما الجواز فلانه يعمل بالنيابة وما تجوز فيه النيابة يستوى فيه الحر والعبد كالزكاة ونحوها وأما الكراهة فلانه ليس من أهل أداء الفرض عن نفسه فيكره أداؤه عن غيره والله الموفق وأما بيان ما يصير به المأمور بالحج مخالفا وبيان حكمه إذا خالف فنقول إذا أمر بحجة مفردة أو بعمرة مفردة فقرن فهو مخالف ضامن في قول
(٢١٣)