أدرك الجمعة ولان سبب اللزوم هو التحريمة وقد شارك الامام في التحريمة وبنى تحريمته على تحريمة الامام فيلزمه ما لزم الامام كما في سائر الصلوات وتعلقهم بحديث الزهري غير صحيح فان الثقات من أصحاب الزهري كمعمر والأوزاعي ومالك رووا أنه قال من أدرك ركعة من صلاة فقد أدركها فاما ذكر الجمعة فهذه الزيادة أو من أدركهم جلوسا صلى أربعا رواه ضعفاء أصحابه هكذا قال الحاكم الشهيد ولئن ثبتت الزيادة فتأويلها وان أدركهم جلوسا قد سلموا عملا بالدليلين بقدر الامكان وما ذكروا من المعنى يبطل بما إذا أدرك ركعة وقولهم هناك يقضى ركعة بالنص قلنا وههنا أيضا يقضى ركعتين بالنص الذي روينا وما ذكروا من الاحتياط غير سديد لان الأربع إن كانت ظهرا فلا يمكن بناؤها على تحريمة عقدها للجمعة ألا يرى أنه لو أدركه في التشهد ونوى الظهر لم يصح اقتداؤه به وإن كانت جمعة فالجمعة كيف تكون أربع ركعات على أنه لا احتياط عند ظهور فساد أدلة الخصوم وصحة دليلنا والله تعالى أعلم وأما الكلام في مقدار الجماعة فقد قال أبو حنيفة ومحمد أدناه ثلاثة سوى الامام وقال أبو يوسف اثنان سوى الامام وقال الشافعي لا تنعقد الجمعة لا بأربعين سوى الامام أما الكلام مع الشافعي فهو يحتج بما روى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أنه قال كنت قائد أبى حين كف بصره فكان إذا سمع النداء يوم الجمعة استغفر الله لأبي أمامة أسعد بن زرارة فقلت لا سألنه عن استغفاره لأبي أمامة فبينما أنا أقوده في جمعة إذ سمع النداء فاستغفر الله لأبي أمامة فقلت يا أبت أرأيت استغفارك لأبي أمامة أسعد بن زرارة فقال إن أول من جمع بنا بالمدينة أسعد فقلت وكم كنتم يومئذ فقال كنا أربعين رجلا ولان ترك الظهر إلى الجمعة يكون بالنص ولم ينقل انه عليه الصلاة والسلام أقام الجمعة بثلاثة (ولنا) ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يخطب فقدم غير تحمل الطعام فانقضوا إليها وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائما وليس معه الا اثنى عشر رجلا منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلى رضى الله تعالى عنهم أجمعين وقد أقام الجمعة بهم وروى أن مصعب بن عمير قد أقام الجمعة بالمدينة مع اثنى عشر رجلا ولان الثلاثة تساوى ما وراءها في كونها جمعا فلا معنى لاشتراط جمع الأربعين بخلاف الاثنين فإنه ليس بالجمع ولا حجة له في حديث أسعد بن زرارة لان الإقامة بالأربعين وقع اتفاقا الا يرى أنه روى أن أسعد أقامها بسبعة عشر رجلا ورسول الله صلى الله عليه وسلم أقامها باثني عشر رجلا حين انفضوا إلى التجارة وتركوه قائما وأما الكلام مع أصحابنا فوجه قول أبى يوسف ان الشرط أداء الجمعة بجماعة وقد وجد لأنهما مع الامام ثلاثة وهي جمع مطلق ولهذا يتقدمهما الامام ويصطفان خلفه ولهما ان الجمع المطلق شرط انعقاد الجمعة في حق كل واحد منهم وشرط جواز صلاة كل واحد منهم ينبغي أن يكون سواه فيحصل هذا الشرط ثم يصلى ولا يحصل هذا الشرط الا إذا كان سوى الامام ثلاثة إذ لو كان مع الامام ثلاثة لا يوجد في حق كل واحد منهم الا اثنان والمثنى ليس بجمع مطلق وهذا بخلاف سائر الصلوات لان الجماعة هناك ليست بشرط للجواز حتى يجب على كل واحد تحصيل هذا الشرط غير أنهما يصطفان خلف الامام لان المقتدى تابع لامامه فكان ينبغي أن يقوم خلفه لاظهار معنى التبعية غير أنه إن كان واحدا لا يقوم خلفه لئلا يصير منتبذا خلف الصفو ف يصير مرتكبا للنهي فإذا صار اثنين زال هذا المعنى فقاما خلفه والله تعالى أعلم وأما صفة القوم الذين تنعقد بهم الجمعة فعندنا ان كل من يصلح اماما للرجال في الصلوات المكتوبات تنعقد بهم الجمعة فيشترط صفة الذكورة والعقل والبلوغ لا غير ولا تشترط الحرية والإقامة حتى تنعقد الجمعة بقوم عبيد أو مسافرين ولا تنعقد بالصبيان والمجانين والنساء على الانفراد وقال الشافعي يشترط الحرية والإقامة في صفة القوم فلا تنعقد بالعبيد والمسافرين وجه قوله إنه لا جمعة عليهم فلا تنعقد بهم كالنسوان والصبيان (ولنا) ان درجة الامام أعلى ثم صفة الحرية والإقامة ليست بشرط في الامام لما مر فلان لا تشترط في القوم أولى وإنما لا تجب الجمعة على العبيد والمسافرين إذا لم يحضروا فأما إذا حضروا تجب لان المانع من الوجوب قد زال بخلاف الصبيان والنسوان على ما ذكرنا فيما تقدم والله تعالى أعلم وأما الوقت فمن شرائط الجمعة وهو وقت الظهر حتى لا يجوز تقديمها على زوال الشمس لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم انه لما بعث مصعب
(٢٦٨)