أخبر عن طي الصحف عند خروج الامام وإنما يطوون الصحف إذا طوى الناس الكلام لأنهم إذا تكلموا يكتبونه عليهم لقوله تعالى ما يلفظ من قول الا لديه رقيب عتيد ولأنه إذا خرج للخطبة كان مستعدا لها والمستعد للشئ كالشارع فيه ولهذا الحق الاستعداد بالشروع في كراهة الصلاة فكذا في كراهة الكلام واما الحديث فليس فيه أن غير الكلام يقطع الكلام فكان تمسكا بالسكوت وأنه لا يصح ويكره للخطيب أن يتكلم في حالة الخطبة ولو فعل لا تفسد الخطبة لأنها ليست بصلاة فلا يفسدها كلام الناس يكره لأنها شرعت منظومة كالاذان والكلام يقطع النظم الا إذا كان الكلام أمرا بالمعروف فلا يكره لما روى عن عمر انه كان يخطب يوم الجمعة فدخل عليه عثمان فقال له أية ساعة هذه فقال ما زدت حين سمعت النداء يا أمير المؤمنين على أن توضأت فقال والوضوء أيضا وقد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالاغتسال وهذا لان الامر بالمعروف يلتحق بالخطبة لان الخطبة فيها وعظ فلم يبق مكروها ولو أحدث الامام بعد الخطبة قبل الشروع في الصلاة فقدم رجلا يصلى بالناس إن كان ممن شهد الخطبة أو شيئا منها جاز وان لم يشهد شيئا من الخطبة لم يجز ويصلى بهم الظهر أما إذا شهد الخطبة فلان الثاني قام مقام الأول و الأول يقيم الجمعة فكذا الثاني وكذا إذا شهد شيئا منها لان ذلك القدر لو وجد وحده وقع معتدا به فكذا إذا وجد مع غيره ويستوى الجواب بين ما إذا كان الامام مأذونا في الاستخلاف أو لم يكن بخلاف القاضي فإنه لا يملك الاستخلاف إذا لم يكن مأذونا فيه والفرق أن الجمعة مؤقتة تفوت بتأخيرها عند العذر إذ لم يستخلف فالامر بإقامتها مع علم الوالي انه قد يعرض له عارض يمنعه من الإقامة يكون اذنا بالاستخلاف دلالة بخلاف القاضي لان للقضاء غير مؤقت لا يفوت بتأخيره عند العذر فانعدم الاذن نصا ودلالة فهو الفرق وأما إذا لم يشهد الخطبة فلانه منشئ للجمعة وليس بيان تحريمته على تحريمة الامام والخطبة شرعا انشاء الجمعة ولم توجد ولو شرع الامام في الصلاة ثم أحدث فقدم رجلا جاء ساعتئذ أي لم يشهد الخطبة جاز وصلى بهم الجمعة لان تحريمة الأول انعقدت للجمعة لوجود شرطها وهو الخطبة والثاني بنى تحريمته على تحريمة الامام والخطبة شرط انعقاد الجمعة في حق من ينشئ التحريمة في الجمعة لا في حق من يبنى تحريمته على تحريمة غيره بدليل أن المقتدى بالامام تصح جمعته وان لم يدرك الخطبة لهذا المعنى فكذا هذا ولو تكلم الخليفة بعد ما شرع الامام في الصلاة فإنه يستقبل بهم الجمعة إن كان ممن شهد الخطبة وإن كان لم يشهد الخطبة فالقياس ان يصلى بهم الظهر وفى الاستحسان يصلى بهم الجمعة وجه القياس ظاهر لأنه ينشئ التحريمة في الجمعة والخطبة شرط انعقاد الجمعة في حق المنشئ لتحريمة الجمعة وجه الاستحسان انه لما قام مقام الأول التحق به حكما ولو تكلم الأول استقبل بهم الجمعة فكذا الثاني وذكر الحاكم في المختصر ان الامام إذا أحدث وقدم رجلا لم يشهد الخطبة فأحدث قبل الشروع لم يجز ولو قدم هذا الرجل محدثا آخر قد شهد الخطبة لم يجز لأنه ليس من أهل إقامة الجمعة بنفسه فلا يجوز منه الاستخلاف وبمثله لو قدم جنبا قد شهد الخطبة فقدم هذا الجنب رجلا طاهرا قد شهد الخطبة جاز لان الجنب الذي شهد الخطبة من أهل الإقامة بواسطة الاغتسال فيصح منه الاستخلاف ولو كان المقدم صبيا أو معتوها أو امرأة أو كافرا فقدم غيره ممن شهد الخطبة لم يجز تقديمه بخلاف الجنب والفرق ان الجنب أهل لأداء الجمعة لأنه قادر على اكتساب أهلية الأداء بإزالة الجنابة والحدث عن نفسه فكان هذا استخلافا لمن له قدرة القيام بما استخلف عليه فصح كما في سائر المواضع التي يستخلف فيها فإذا قدم هو غيره صح لأنه استخلفه بعد ما صار خليفة فكان له ولاية الاستخلاف بخلاف الصبي والمعتوه والمرأة فان الصبي والمعتوه ليسا من أهل أداء الجمعة والمرأة ليست من أهل امامة الرجال ولا قدرة لهم على اكتساب شرط الأهلية فلم يصح استخلافهم إذا لاستخلاف شرع ابقاء للصلاة على الصحة واستخلاف من لا قدرة له على اكتساب الأهلية غير مفيد فلم يصح وإذا لم يصح استخلافهم كيف يصح منهم استخلاف ذلك الغير فإذا تقدم ذلك الغير فكأنه تقدم بنفسه لالتحاق تقدمهم بالعدم شرعا ولو تقدم بنفسه في هذه الصلاة لا يجوز بخلاف سائر الصلوات حيث لا يحتاج فيها إلى التقديم والفرق ان إقامة الجمعة متعلقة بالامام
(٢٦٥)