أصليت قال لا قال فصل ركعتين فقد أمره بتحية المسجد حالة الخطبة ولنا قوله تعالى فاستمعوا له وأنصتوا والصلاة تفوت الاستماع والانصات فلا يجوز ترك الفرض لإقامة السنة والحديث منسوخ كان ذلك قبل وجود الاستماع وتزول قوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا دل عليه ما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر سليكا ان يركع ركعتين ثم نهى الناس أن يصلوا والامام بخطب فصار منسوخا أو كان سليك مخصوصا بذلك والله أعلم وكذا كل ما شغل عن سماع الخطبة من التسبيح والتهليل والكتابة ونحوها بل يجب عليه أن يستمع ويسكت وأصله قوله تعالى وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا قيل نزلت الآية في شأن الخطبة أمر بالاستماع والانصات ومطلق الامر للوجوب وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال لصاحبه والامام يخطب انصت فقد لغا ومن لغا فلا صلاة له ثم ما ذكرنا من وجوب الاستماع والسكوت في حق القريب من الخطيب فاما البعيد منه إذا لم يسمع الخطبة كيف يصنع اختلف المشايخ فيه قال محمد بن سلمة البلخي الانصات له أولى من قراءة القرآن وهكذا روى المعلى عن أبي يوسف وهو اختيار الشيخ الامام أبى بكر محمد بن الفضل البخاري ووجهه ما روى عن عمر وعثمان انهما قالا إن أجر المنصت الذي لا يسمع مثل أجر المنصت السامع ولأنه في حال قربة من الامام كان مأمورا بشيئين الاستماع والانصات وبالبعد ان عجز عن الاستماع لم يعجز عن الانصات فيجب عليه وعن نصير بن يحيى انه أجاز له قراءة القرآن سرا وكان الحكم بن زهير بن أصحابنا ينظر في كتب الفقه ووجهه ان الاستماع والانصات إنما وجب عند القرب ليشتركوا في ثمرات الخطبة بالتأمل والتفكر فيها وهذا لا يتحقق من البعيد عن الامام فيلحرز لنفسه ثواب قراءة القرآن ودراسة كتب العلم ولان الانصات لم يكن مقصودا بل ليتوصل به إلى الاستماع فإذا سقط عنه فرض الاستماع سقط عنه الانصات أيضا والله أعلم ويكره تشميت العاطس ورد السلام عندنا وعند الشافعي لا يكره وهو رواية عن أبي يوسف لان رد السلام فرض ولنا انه ترك الاستماع المفروض والانصات وتشميت العاطس ليس بفرض فلا يجوز ترك الفرض لأجله وكذا رد السلام في هذه الحلة ليس بفرض لأنه يرتكب بسلامه مأثما فلا يجب الرد عليه كما في حالة الصلاة ولان السلام في حالة الخطبة لم يقع تحية فلا يستحق الرد ولان رد السلام مما يمكن تحصيله في كل حالة أما سماع الخطبة لا يتصور الا في هذه الحالة فكان اقامته أحق ونظيره ما قال أصحابنا ان الطواف تطوعا بمكة في حق الآفاقي أفضل من صلاة لتطوع والصلاة في حق المكي أفضل من الطواف لما قلنا وعلى هذا قال أبو حنيفة ان سماع الخطبة أفضل من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فينبغي ان يستمع ولا يصلى عليه عند سماع اسمه في الخطبة لما أن احراز فضيلة الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مما يمكن في كل وقت واحراز ثواب سماع الخطبة يختص بهذه الحالة فكان السماع أفضل وروى عن أبي يوسف انه ينبغي ان يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم في نفسه عند سماع اسمه لان ذلك مما لا يشغله عن سماع الخطبة فكان احراز الفضيلتين أحق واما العاطس فهل يحمد الله تعالى فالصحيح أنه يقول ذلك في نفسه لان ذلك مما لا يشغله عن سماع الخطبة وكذا السلام حالة الخطبة مكروه لما قلنا هذا الذي ذكرنا في حال الخطبة فاما عند الاذان الأخير حين خرج الامام إلى الخطبة وبعد الفراغ من الخطبة حين أخذ المؤذن في الإقامة إلى أن يفرغ هل يكره ما يكره في حال الخطبة على قول أبي حنيفة يكره وعلى قولهما لا يكره الكلام وتكره الصلاة واحتجا بما روى في الحديث خروج الامام يقطع الصلاة وكلامه يقطع الكلام جعل القاطع للكلام هو الخطبة فلا يكره قبل وجودها ولان النهى عن الكلام لوجوب استماع الخطبة وإنما يجب حالة الخطبة بخلاف الصلاة لأنها تمتد غالبا فيفوت الاستماع وتكبيرة الافتتاح ولأبي حنيفة ما روى عن ابن مسعود وابن عباس رضي الله عنهما موقوفا عليهما ومرفوعا إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا خرج الامام فلا صلاة ولا كلام وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا كان يوم الجمعة وقفت الملائكة على أبواب المساجد يكتبون الناس الأول فالأول فإذا خرج الامام طووا الصحف وجاؤا يستمعون الذكر فقد
(٢٦٤)