وسلم وقد ثبت بالتواتر انها مكتوبة في المصاحف ولا تواتر على كونها من السورة ولهذا اختلف أهل العلم فيه فعدها قراء أهل الكوفة من الفاتحة ولم يعدها قراء أهل البصرة منها وذا دليل عدم التواتر ووقوع الشك والشبهة في ذلك فلا يثبت كونها من السورة مع الشك ولان كون التسمية من كل سورة مما اختص به الشافعي لا يوافقه في ذلك أحد من سلف الأمة وكفى به دليلا على بطلان المذهب والدليل عليه ما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سورة في القرآن ثلاثون آية شفعت لصاحبها حتى غفر له تبارك الذي بيده الملك وقد اتفق القراء وغيرهم على أنها ثلاثون آية سوى بسم الله الرحمن الرحيم ولو كانت هي منها لكانت احدى وثلاثين آية وهو خلاف قول النبي صلى الله عليه وسلم وكذا انعقد الاجماع من الفقهاء والقراء أن سورة الكوثر ثلاث آيات وسورة الاخلاص أربع آيات ولو كانت التسمية منها لكانت سورة الكوثر أربع آيات وسورة الاخلاص خمس آيات وهو خلاف الاجماع وأما ما روى من الحديث ففيه اضطراب فان بعضهم شك في ذكر أبي هريرة في الاسناد ولان مداره على عبد الحميد بن جعفر عن نوح بن أبي بلال عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ولم يرفعه وذكر أبو بكر الحنفي وقال لقيت نوحا فحدثني به عن سعيد المقبري عن أبي هريرة ولم يرفعه والاختلاف في السند والوقف والرفع يوجب ضعفا فيه ولأنه في حد الآحاد وخبر الواحد لا يوجب العلم وكون التسمية من الفاتحة لا يثبت الا بالنقل الموجب للعلم مع أنه عارضه ما هو أقوى منه وأثبت وأشهر وهو حديث القسمة فلا يقبل في معارضته أما قوله إنها كتبت في المصاحف بقلم الوحي على رأس السور فنعم لكن هذا يدل على كونها من القرآن لا على كونها من السور لجواز انها كتبت للفصل بين السور لا لأنها منها فلا يثبت كونها من السور بالاحتمال وينبنى على هذا انه لا يجهر بالتسمية في الصلاة عندنا لأنه لا نص في الجهر بها وليست من الفاتحة حتى يجهر بها ضرورة الجهر بالفاتحة وعنده يجهر بها في الصلوات التي يجهر فيها بالقراءة كما يجهر بالفاتحة لكونها من الفاتحة ولان التسمية متى ترددت بين أن تكون من الفاتحة وبين أن لا تكون تردد الجهر بين السنة والبدعة لأنها إذا لم تكن منها التحقت بالأذكار والجهر بالأذكار بدعة والفعل إذا تردد بين السنة والبدعة تغلب جهة البدعة لان الامتناع عن البدعة فرض ولا فرضية في تحصيل السنة أو الواجب فكان الاخفاء بها أولى والدليل عليه ما روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن الفضل وعبد الله بن عباس وأنس وغيرهم رضي الله عنهم انهم كانوا يخفون التسمية وكثير منهم قال الجهر بالتسمية اعرابية والمنسوب إليهم باطل لغلبة الجهل عليهم بالشرائع وروى عن أنس رضي الله عنه أنه قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبى بكر وعمر رضي الله عنهما وكانوا لا يجهرون بالتسمية ثم عندنا ان لم يجهر بالتسمية لكن يأتي بها الامام لافتتاح القراءة بها تبركا كما يأتي بالتعوذ في الركعة الأولى باتفاق الروايات وهل يأتي بها في أول الفاتحة في الركعات الاخر عن أبي حنيفة روايتان روى الحسن عنه انه لا يأتي بها الا في الركعة الأولى لأنها ليست من الفاتحة عندنا وإنما يفتتح القراءة بها تبركا وذلك مختص بالركعة الأولى كالتعوذ وروى المعلى عن أبي يوسف عن أبي حنيفة انه يأتي بها في كل ركعة وهو قول أبى يوسف ومحمد لان التسمية ان لم تعجل من الفاتحة قطعا بخبر الواحد لكن خبر الواحد يوجب العمل فصارت من الفاتحة عملا فمتى لزمه قراءة الفاتحة يلزمه قراءة التسمية احتياطا وأما عند رأس كل سورة في الصلاة فلا يأتي بالتسمية عند أبي حنيفة وأبى يوسف وقال محمد يأتي بها احتياطا كما في أول الفاتحة والصحيح قولهما لان احتمال كونها من السورة منقطع باجماع السلف على ما مر وفى انها ليست من الفاتحة لا اجماع فبقي الاحتمال فوجب العمل به في حق القراءة احتياطا ولكن لا يعتبر هذا الاحتمال في حق الجهر لان المخافتة أصل في الأذكار والجهر بها بدعة في الأصل فإذا احتمل انها ذكر في هذه الحالة واحتمل انها من الفاتحة كانت المخافتة أبعد عن البدعة فكانت أحق وروى عن محمد انه إذا كان يخفى بالقراءة يأتي بالتسمية بين الفاتحة والسورة لأنه أقرب إلى متابعة المصحف وإذا كان يجهر بها لا يأتي لأنه لو فعل لا خفى بها فيكون
(٢٠٤)